يهود الدونمة ..
.
.
من هم ؟
من مؤسسيهم ؟
كيف بدأت ؟
كيف البذرة الأولى لنشأتهم ؟
سأسرد بعون الله تعالى, تسلسل تاريخي لهم وحقائق عنهم و معتقداتهم و عاداتهم
وانتشارهم ونفوذهم, كل هذا ضمن باب المندرج تحت سلسلة , وعوداً حميدا لي ولكم يا
احباب مع هذه السلسلة واقول مستعينا بالله :
.
.
التعريف :
.
.
هم جماعة من اليهود أظهروا الإسلام وأبطنوا اليهودية؛ للكيد
للمسلمين، سكنوا منطقة الغرب من آسيا الصغرى، وأسهموا في تقويض الدولة العثمانية
وإلغاء الخلافة عن طريق انقلاب جماعة الاتحاد والترقي ...
ولا يزالون إلى الآن يكيدون للإسلام، لهم براعة في مجالات الاقتصاد والثقافة
والإعلام؛ لأنها هي وسائل السيطرة على المجتمعات.
.
.
اصل الدونمة :
.
.
إذا
أردنا الحديث عن أصل الدونمة سنتحدث عن شخص يسمى "سباتاي زييفي"، وقد
ولد "سباتاي زييفي" في يوليو سنة 1626 بمدينة أزمير التركية، من أبوين
يهوديين مهاجرين من أسبانيا؛ إثر الاضطهاد الديني الذي عم اليهود هناك، وخضعوا في
أسبانيا بشكل وحشي رهيب لمحاكم التفتيش التي أنشأتها الكنيسة الكاثوليكية، وكان
والد "سباتاي" يدعى "مردخاي زييفي" وعرف بين الأتراك في أزمير
بلقب مفتش الأسود، أما مقامه في أسبانيا فكان في جزر "المورا"،
و"سباتاي" هو الابن الأصغر لـ "مردخاي" من بين ثلاثة إخوة،
الذي يدعونا إلى الحديث عن هذا الشخص وذكر مولده وحياته ونشأته وبيان أصله ونسبه:
هو أن جماعة الدونمة اشتهروا أيضًا باسم السباتائيين نسبة إليه، فهو رأس المذهب
ومؤسسه وواضع قواعده ورسومه وأصوله وفروعه.
وكان
"سباتاي زييفي" شغوفًا منذ حداثة سنه بمطالعة الكتب الدينية، ذكيًّا
نابهًا واعيًا متأثرًا بالأحداث والوقائع التي مر بها أهله وعشيرته، ما بين اضطهاد
وهجرة وشقاء وعذاب، وراح "سباتاي زئيفي" يتردد على مجالس دروس الحاخام
إسحاق دلبه وهو لما يبلغ الخامسة عشرة من عمره، وقد قرأ "سباتاي زئيفي"
واستوعب التوراة والتلمود، كما برع في التفسير الإشاري، أي رموز وإشارات مضامين
المعاني للكلمات، فكان يعطي فيها آراء وأقوالًا تدعو إلى الإعجاب من قومه وجماعته،
وإقبالًا عليه وتقديرًا له، ولقد وصف على الإجمال بقول المؤرخين: إنه كان ذكيًّا
مثقفًا وسيمًا جميلًا.
.
.
اليهود والمسيح المنتظر ( و قصة إدعاء "سباتاي زئيفي" النبوة ) :
.
.
المسيح أو مسيا
كلمة عبرية تعني المخلص، وقد جاءت في التوراة دالة على اسم الشخص الذي سيرسله الله
تعالى إلى بني إسرائيل ليخلصهم، وعندما بعث عيسى -عليه السلام- آمنت به طائفة وهم النصارى،
وكفرت به طائفة وهم بنو إسرائيل الذين لا يزالون بانتظار مسيحهم أو مخلصهم، خلال محنة
القرن السابع عشر التي تعرض لها اليهود في كل أنحاء أوربا -وخاصة في أسبانيا- أصبحوا
في وضع سيئ للغاية لم يشهدوه من قبل على مر العصور، تيقظت في أوساط اليهود دعوى المسيح
المنتظر لينقذهم مما هم فيه من العنت والعذاب والهوان والإبادة، وراجت في أذهان بعض
الكهنة فكرة أن المسيح سيظهر عام 1648 على وجه التحديد.
ولقد انتقلت عدوى
هذه الأسطورة إلى نفوس بعض المسيحيين أنفسهم، فقالت طائفة منهم عن إيمان وقناعة بأن
المسيح سيكون وسيظهر في سنة 1966، في هذه الأجواء السانحة والظروف المؤاتية كان على
"سباتاي زئيفي" أن يتخذ سبيله حتمًا إلى ادعاء النبوة وهو الذي عرف بالذكاء
والطموح، أضف إلى ذلك ما كان عليه من علم ومعرفة في الشئون الدينية، ثم اهتمامه الكبير
بالرياضيات الروحية وإتقانه لها، وإدراكه لفن تحضير الأرواح، مما جعله قادرًا على الإتيان
بأمور فيها شد واستحواذ على عقول البسطاء والسذج والطيبين، واتخذ قراره الكبير فراح
"سباتاي زئيفي" يصوم كل يوم ويغتسل ويتطهر استعدادًا لليوم الموعود، بل وتقول
بعض الروايات: إنه لم يباشر زوجتيه الأولتين وظل عزبًا، ولقد أوتي "سباتاي زئيفي"
من سرعة البديهة والخاطر والمعرفة الشاملة لقواعد الدين وأصوله والذكاء الحاد، ما أهله
للتغلب على مناقشيه ومحدثيه، وتخريج بعض الأمور تخريجًا عجبًا وتفسيرها تفسيرًا غريبًا،
حتى إنه -كما يقال- قد حرف بيتًا من الشعر يردده الكثيرون بما يتفق مع هواه. يقول البيت:
"حبيبي يشبه الغزال"، فجعله "سباتاي" على النحو التالي:
"ربي يشبه "سباتاي زئيفي".
في سنة 1648 أشاع
"سباتاي زئيفي" بين أصحابه المقربين أنه قد نبئ، فصدقوه واتبعوه ولم يجد
عسرًا في ذلك حيث إنه قد هيأهم وعبأهم نفسيًّا لذلك ومهد لهم، لكن رئيس الحاخامات في
أزمير "جوزيف إسكابا" مع طائفة من رجال الدين ثاروا عليه، ووقفوا في وجه
زعمه وعقدوا له محكمة دينية، واتخذوا قرارًا بإعدامه وقتله، ولكن على غير طائل لأن
قوانين البلاد لم تكن تسمح لهم بذلك، فأسقط في أيديهم وانكفئوا على نفوسهم يكتمونها
ما في صدورهم من ثورة، وأتبع "سباتاي زئيفي" هذا الادعاء المزعوم بمنشور
أو بيان وزعه على الناس وجاء فيه: سلام من ابن الله "سباتاي زئيفي"، مسيح
إسرائيل ومخلصها إلى كل فرد من بني إسرائيل، لقد نلتم شرف معاصرة مخلص بني إسرائيل
ومنقذهم، الذي بشر به أنبياؤنا وآباؤنا فعليكم أن تجعلوا أحزانكم أفراحًا وصيامكم إفطارًا
ولهوًا، فلن تحزنوا بعد اليوم فأعلنوا عن فرحتكم بالطنبور والأرج والموسيقى، واشكروا
الذي وعدكم فوفى بوعده وواظبوا على عبادتكم كما في السابق، أما أيام المصائب والمآتم
فاجعلوها بسبب بعثتي أيام شكر ومسرة ولا تهابوا شيئًا، فإن حكمكم لن يقتصر على أمم
الأرض بل سيتعداها إلى جميع المخلوقات في أعماق البحار، فكل هؤلاء مسخرون لكم ولرفاهيتكم،
"سباتاي زئيفي".
ووزع هذا الإعلان
وقد كان هذا الإعلان المنشور -والذي سبقه- بمثابة التمهيد لليوم المنتظر سنة ألف وستمائة
وستة وستين عند أكثر الناس، ولقد أدرك " سباتاي زئيفي" ضيق محيط بلدة أزمير
وانحصار الأمر فيها، فارتحل إلى مدينة استانبول ونزل على أحد الحاخامين المنافقين أمثاله،
فلقي منه كل ترحيب ومساعدة لكن دعوته وادعاءه النبوة لم تجد صداها المطلوب على الصعيد
العام، فشد الرحال إلى أثينا ثم عاد إلى أزمير ومنها إلى استانبول، ثم كر راجعًا إلى
أزمير سنة 1659، وأقام في بيت أبيه لا يأتي بأي عمل يشد إليه الناس أو يجلب الأنظار،
قد يكون سبب ذلك ترقب عام 1666 العام الموعود، مضافًا إليه السلبية التي واجهها في
رحلاته من طائفة الحاخامات والكهان، ولكنه لم يطق الانتظار فخرج إلى القدس سنة
1663 ومنها إلى القاهرة ثم عاد إلى القدس.
وفي كلتي المدينتين
لم يظهر شيئًا من دعواه المزعومة خوفًا على نفسه، إلا أنه عند مروره بغزة التقى هناك
رجل يدعى إبراهام نطحان، فتعارفا وأظهر له "سباتاي زئيفي" مكنون فؤاده ونبوته
فصدقه إبراهام، وتحمل تبعة التبشير له في محيطه وعلى غيره من الأصعدة، فكان إبراهام
بهذا رسول "سباتاي" إلى الناس، ففكرة ظهور المسيح المنتظر أو المخلص والمنقذ
كانت رائجة في النصف الثاني من القرن السابع عشر، وكانت لها الريادة على عقول ونفوس
المعاصرين، والهيمنة الكاملة على أكثر اليهود وبعض المسيحيين.
وقد ظهرت فتاة يهودية
من بولندا في بولونيا، هذه الفتاة جميلة وذكية ومغامرة وقالت بأنها رأت رؤيا. وهي عبارة
عن نور سيسطع باهرًا في سنة 1666 من أزمير، وأنها ستكون زوجة لصاحب هذا النور، وقد
قالت ذلك بعدما سمعت وترامى إلى أذنها نبأ "سباتاي زئيفي" وزعمه، وسرعان
ما وصل علم ذلك إلى "سباتاي" فادعى هو بدوره رؤيا أخرى، بأنه أوحي إليه بالزواج
من سارة الفتاة البولونية، ولاسم سارة رنين وجرس خاص في أحاسيس الشعب الإسرائيلي وفي
أعماق وجدانه الديني، وتلاقى الدجل على الدجل والنفاق على النفاق، إذ كل من الطرفين
-"سباتاي" وسارة- يريد المغنم من وراء دعواه، فأرسل "سباتاي" يستدعي
إليه سارة وتم زواجهما في القاهرة، وانطلت الحيلة على فئة كبيرة من اليهود السذج البسطاء.
وفي مطلع شهر سبتمبر
سنة 1666 حط "سباتاي" رحاله في أزمير عائدًا إليها؛ لأنها منطلقه ومستقره
فكانت بينه وبين الحاخامات معارك عنيفة، استطاع بعدها أن ينتصر عليهم ويؤلب حوله الدهماء
من الناس والعديد من الأنصار، وأضحى يهود أزمير بأكثريتهم الساحقة طوع إرادته ورهن
إشارته، وبدأت الوفود تأتيه من الخارج من رودس وأدرنه وصوفيا وألمانيا، وكان لقاء الناس
معه في جو مشحون بالتقاليد الدينية المألوفة واستغراق في الانجذاب والأخذ، وأجريت له
مراسيم لبس التاج وبدأ ينظم أموره وأمور أتباعه ومريديه وفق نظم وتقاليد جديدة؛ إذ
يستقبل زواره بمواعيد ومراسيم معينة وكان -كما تروي المصادر التاريخية- على شغف خاص
باستقبال زواره من النساء، وقسم "سباتاي" العالم حسب تعاليمه الجديدة إلى
ثمان وثلاثين منطقة، وعين لكل منطقة منها ملكًا، كما فعلت الماسونية من بعد وكما تفعل
أيضًا أندية الليونز والروتاري كما سبق الحديث عنها، كما غير بعض العادات والتقاليد
اليهودية، وأيضًا كان يوقع رسائله إلى الخاصة والعامة بتوقيع ابن الله الأول والوحيد
"سباتاي زئيفي".
ولم تكن السلطة
العثمانية حتى ذلك الحين لتعبأ أو تهتم بما يجري، وذلك يعود لسببين:
الأول: هو التسامح
الديني وحرية الاعتقاد واستقلالية الطائفة اليهودية بأمورها وشئونها. اني: هو انشغال
الدولة العثمانية بحرب جزيرة كريت، وكان السلطان حينذاك هو السلطان محمد الرابع، ورئيس
الوزراء هو -أو الصدر الأعظم كما يسمونه- هو فاضل أحمد باشا، غير أن بعض أركان الدولة
حين رأوا أن أمر "سباتاي زئيفي" قد بدأ يتجاوز اليهود إلى غيرهم من الطوائف
وفئات الشعب الأخرى، وأن الأمر الجديد الطارئ يشكل خطورة على الوضع الداخلي للدولة
تنبهوا ونبهوا، وعرض قاضي أزمير على رئيس الوزراء ضرورة اعتقال "سباتاي زئيفي"؛
للحد من نشاطه وتقليم أظافره وحسم دعوته، فصدر الأمر بإلقاء القبض عليه واقتيد عن طريق
البحر إلى العاصمة.
في التحقيق أنكر
"سباتاي زئيفي" كل ما أسند ونسب إليه من تهم، وهذا ما كان متوقعًا، فماذا
كان ينتظر من منافق عليم اللسان مثل "سباتاي"، لكن الوقائع كانت دامغة فنال
قسطًا من العذاب وأرسل إلى سجن زندان قابي، غير أن وفود الأتباع والأنصار والمريدين
أخذت تؤم السجن للزيارة المسموح بها، فغصت بهم الأماكن وبدت إدارة السجن قاصرة عن استقبال
الجموع، فشكت ذلك إلى السلطات العليا التي أمرت بنقله -أي "سباتاي زئيفي"-
إلى سجن آخر هو شنق قلعة، وحيث ظهرت سارة من قبل في بولندا برؤياها المزعومة وصدقها
الناس، خرج يهودي أو أفاق آخر جديد يدعى ناحيم كوهين، وكان حاخاما ذكيًّا مطلعًا هو
الآخر ليزعم أنه هو الآخر المخلص المنتظر، وبأن الكتب المقدسة تبشر وتنبئ بمسيحيين
لا بمسيح واحد، وقصد من ثم إلى معتقل "سباتاي" في شنق قلعة، وقابله وناقشه
واختصم معه ثم عاد إلى قواعده ينفث سمومه ويبشر بدعوته.
وكما كانت الوفود
تأتي من قبل إلى زندان قابي -المعتقل الأول لـ"سباتاي"- أخذت من جديد تترى
وتتتابع إلى شنق قلعة، وكان حراس السجن يغضون لطرف عن هؤلاء الزائرين وجموعهم لقاء
رشاوى يتقاضونها، وضاقت المدينة بالزائرين فنقصت المواد الغذائية وارتفعت الأسعار،
وجأر أهل المدينة بالشكوى إلى السلطة ورفعت عريضة إلى القصر السلطاني العثماني، كما
أن وشاية سعى بها المسيح الجديد المزعوم إلى المسئولين، تقول بأن "سباتاي زئيفي"
يريد إنشاء دولة داخل الإمبراطورية العثمانية من وراء دعوته المزيفة، وإزاء كل ذلك
وما يشكل من خطر على السلطة رأى المسئولون في الدولة أن يضعوا حدًّا نهائيًّا لهذه
الظاهرة، فأمروا بنقل "سباتاي زئيفي" إلى قصر أدرنه لحسم الأمر، وظن الأتباع
والمريدون أن فجرًا جديدًا سوف يبزغ عليهم، وأن سلطانهم سيعلو ورايتهم ستخفق، وأن معجزة
المسيح المزعوم "سباتاي" سوف تقلب الأمر لصالحهم رأسًا على عقب.
.
.
بداية الستر و التستر بالدين الإسلامي ( الغاية تبرر الوسيلة ) :
.
.
سبق القول إن
"سباتاي" نقل إلى أدرنه، وفي إحدى غرف قصر أدرنه جلس السلطان محمد الرابع
يستمع إلى الحوار الذي كان يجري في غرفة مجاورة، بين مصطفى باشا القائم بأعمال رئيس
الوزراء شيخ الإسلام يحيى أفندي منقري زاده، وإمام القصر محمد أفندي وائلي من جهة،
و"سباتاي زئيفي" من جهة أخرى، وقد قيل لـ "سباتاي" عن طريق الترجمان:
"تدعي أنك المسيح فأرنا معجزتك سنجردك من ثيابك ونجعلك هدفًا لسهام المهرة من
رجالنا، فإن لم تغرز السهام في جسمك فسيقبل السلطان ادعاءك"، وقد أدرك "سباتاي"
أبعاد الموقف وأخطاره والموت الذي يتربص به، وأن النهاية قد دنت إن هو استمر في أكذوبته،
فترى ماذا يفعل وهو اليهودي الماكر المجبول على الغدر والمخاتلة والخداع؟!؟
.
.
لقد أنكر كل شيء وادعى أن المتقولين هم الذين رسموا صورته وزيفوا عليه أقواله، فأمر
السلطان محمد الرابع -الذي كان يسمع الحوار- بعرض الإسلام على "سباتاي زئيفي"
كما تقضي قواعد الشرع الحنيف، فرأى "سباتاي" أو المسيح المزيف أنه أصبح بين
خطر الموت أو الإسلام، فآثر بدهاء اليهودي وحرصه على الحياة أن يفتدي إمبراطوريته الوهمية
بدخوله في الإسلام ظاهرًا، ويتسمى باسم محمد عزيز أفندي وينجو بجلده من الموت، وبهذا
كان "سباتاي زئيفي" هو أول شخص في تاريخ الإمبراطورية العثمانية وفي العالم
من الدونمة، وهو مؤسس هذه الطائفة.
وقد جاء في كتاب
(التاريخ السياسي للدولة العلية) في فصل دور السلطان محمد الرابع تحت عنوان: يهودي
يدعي أنه المسيح: أنه في سنة 1666 للميلاد قام حاخام يهودي يدعى "سباتاي زئيفي"
يزعم أنه هو المسيح، وكان لبياناته وهو في زيارة القدس أثر في اضطراب وقلق اليهود المقيمين
في أوربا، ووردت أخبار بعض الحاخامين في تأييده وبعضهم في معارضته، فجيء به إلى دار
السعادة استانبول وأودع السجن ثم سيق إلى سجن القلعة السلطانية، ثم إن رجلًا آخر يهوديًّا
ادعى بمثل ما ادعى به سابقه، وأتى إلى قصر القائم بأعمال رئيس الوزراء وذكر زيف ادعاء
"سباتاي زئيفي"، فجيء به -أي بـ "سباتاي"- واستخدم في أعمال البستنة
في القصر بعد أن أعلن إسلامه، وخلال عشر سنوات من الزمان دخل كثير من أتباعه دين الإسلام،
ثم إنه حدث أن أعلن أحد أبناء شيوخ الأكراد أنه المهدي المنتظر، فجيء به فرجع عما كان
ادعاه من قبل، وأجاب جوابًا صحيحًا لكل سؤال وجه إليه فعين رئيسا داخليا للخزينة الهميونية.
وجاء أيضًا في (تاريخ راشد) وهو كتاب مخطوط في وقائع سنة 1666 ما يوافق هذا الكلام،
وانتقل "سباتاي زئيفي" إلى دور جديد وخطير، فقد عين محمد أفندي عزيز
-"سباتاي زئيفي" سابقًا- رئيسًا للآذنين وهم الحجاب فانتشر خبر تعيينه وإسلامه
بين أتباعه فالتزموا بيوتهم ودورهم، أما الحاخامون من اليهود المعارضين له فقد فرحوا
كثيرًا لتخلصهم منه ومن دعوته، لكن "سباتاي" أرسل إلى مريديه تعميمًا يقول
فيه: "لقد جعلني الله مسلمًا أنا أخوكم محمد البواب هكذا أمرني فامتثلت، لقد ذكرت
الكتب اليهودية المقدسة بأن المسيح سيتبع من قبل المسلمين"، وأعلمهم بأنه سيستمر
في أداء رسالته ومهمته بالتكيف مع الوضع الجديد، يفسر أخوه هذه الحالة فيقول:
"إن الجسم القديم لـ "سباتاي" قد صعد إلى السماء، فعاد بأمر من الله
تعالى في شكل ملاك يلبس الجبة والعمامة ليكمل رسالة المسيح".
وتقدم "سباتاي"
محمد أفندي عزيز إلى المفتي يطلب السماح له بدعوة اليهود إلى الإسلام، وكانت هذه خطته
الأولى. ولما حصل على ما أراد استأنف دعوته السابقة، مستهدفًا تأسيس مذهبه الجديد المسلم
في الظاهر اليهودي في الباطن، فجاءه الأتباع من كل مكان في الدولة العلية وغيرها، ولبسوا
الجبب والعمائم على صورة خاصة، فأطلق الأتراك عليهم اسم الدونمة، وتركت لهم الدولة
حرية الحركة والعمل، فقد ترك لـ "سباتاي" حرية التجول والدعوة، وضمن لنفسه
عدم الشبهة، وانصرف إلى تنظيم وتقنين ورسم معالم مذهبه الجديد، وجمع كل ذلك في وثائق،
وما يهمنا من هذه الوثيقة المادتان السادسة عشرة والسابعة عشرة، وهذا نصهما؛ المادة
السادسة عشرة: يجب أن تطبق عادات الأتراك المسلمين بدقة لصرف أنظارهم عنكم، ويجب ألا
يشعر أحد من الأتباع تضايقه من صيام رمضان ومن الأضحية، ويجب أن ينفذ كل شيء يجب تنفيذه
أمام الملأ. أما المادة السابعة عشرة فيقول: "إن مناكحتهم -أي المسلمين- ممنوعة
قطعًا".
وعلم المسئولون
بأن "سباتاي" يجمع أنصاره على طقوس وعبادات وعقائد خاصة، فانكشف زيفه وعلموا
أن إسلامه إنما كان تكأة، فقبض عليه ونفي إلى برات في ألبانيا مع بعض أتباعه، وبقي
هناك خمس سنوات تزوج خلالها من امرأة يهودية من سلانيه اسمها "بوهيفيد"،
فأسماها عائشة بعد أن ماتت زوجته الأولى سارة، ثم مات هو في الثلاثين من سبتمبر سنة
1675 للميلاد، وقد ناهز التاسعة والأربعين عامًا ودفن على ضفة نهر هناك. ..
.
.
مختصر الأفكار والمعتقدات :
.
.
يعتقدون أن سباتاي
هو مسيح إسرائيل المخلص لليهود.
- يقولون: إن الجسم
القديم لسباتاي صعد إلى السماء، فعاد بأمر الله في شكل ملاك يلبس الجلباب والعمامة
ليكمل رسالته.
- يظهرون الإسلام
ويبطنون اليهودية الماكرة الحاقدة على المسلمين.
- لا يصومون ولا
يصلون ولا يغتسلون من الجنابة، وقد يظهرون بعض الشعائر الإسلامية في بعض المناسبات
كالأعياد مثلا؛ إيهاما وخداعا، ومراعاة لعادات الأتراك, ذرا للرماد في عيونهم، ومحافظة
على مظاهرهم كمسلمين.
- يحرمون مناكحة
المسلمين، ولا يستطيع الفرد منهم التعرف على حياة الطائفة وأفكارها إلا بعد الزواج.
- لهم أعياد كثيرة
تزيد على العشرين منها: الاحتفال بإطفاء الأنوار وارتكاب الفواحش، ويعتقدون أن مواليد
تلك الليلة مباركون، ويكتسبون نوعا من القدسية بين أفراد الدونمة.
- لهم زي خاص بهم،
فالنساء ينتعلن الأحذية الصفراء، والرجال يضعون قبعات صوفية بيضاء مع لفها بعمامة خضراء.
- يحرمون المبادرة
بالتحية لغيرهم.
- يهاجمون حجاب
المرأة، ويدعون إلى السفور والتحلل من القيم، ويدعون إلى التعليم المختلط؛ ليفسدوا
على الأمة شبابها.
.
.
الجذور الفكرية والعقائدية :
.
.
عقيدتهم
يهودية صرفة، وبالتالي فهم يتحلون بالخصال الأساسية لليهود، كالخبث والمراوغة
والدهاء والكذب والجبن والغدر، وتظاهرهم بالإسلام إنما هو وسيلة لضرب الإسلام من
داخله.
-
لهم علاقة وطيدة بالماسونية، وكان كبار الدونمة من كبار الماسونيين.
-
يعملون ضمن مخططات الصهيونية العالمية.
-
يمتلكون ويديرون أكثر الجرائد التركية انتشارا، مثل جريدة حريت ومجلة حياة ومجلة
التاريخ وجريدة مليت وجريدة جمهوريت، وكلها تحمل اتجاهات يسارية، ولها تأثير واضح
على الرأي العام التركي.
.
.
الانتشار ومواقع النفوذ :
.
.
غالبيتهم
العظمى توجد الآن في تركيا.
ـ
ما يزالون إلى الآن يملكون في تركيا وسائل السيطرة على الإعلام والاقتصاد، ولهم
مناصب حساسة جدا في الحكومة.
ـ
كانوا وراء تكوين جماعة الاتحاد والترقي، التي كانت جل أعضائها منهم، وكما ساهموا
من موقعهم هذا في علمنة تركيا المسلمة، وسخروا كثيرا من شباب المسلمين المخدوعين
لخدمة أغراضهم التدميرية. .
.
.
المصادر :
.
.
[1] موسوعة
الملل والأديان (إعداد: مجموعة من الباحثين بإشراف الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف
)
[2] اتجاهات فكرية معاصرة
المؤلف:
مناهج جامعة المدينة العالمية
الناشر:
جامعة المدينة العالمية ..
.
.
او
الإتصال على الرقم 0555066873
او BBM 573324AA
,
,
..... شاهزاده ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق