حضارات العراق "ﺍﻵﺷـﻮﺭﻳﻮﻥ Assyrians"
.
.
ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ «ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ» ﺇﻟﻰ ﺁﺷﻮﺭ، ﻭﻫﻢ ﻗﻮﻡ ﻳﺮﺟﻊ ﺃﺻﻠﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻘﺮﺕ ﺧﻼﻝ ﺍﻷﻟﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ﺷﻤﺎﻟﻲ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﺮﺍﻓﺪﻳﻦ، ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺣﻜﻤﺖ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﻏﺮﺏ ﺁﺳﻴﺎ ﻭﺍﺗﺨﺬﺕ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺁﺷﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺃﻋﺎﻟﻲ ﻧﻬﺮ ﺩﺟﻠﺔ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻬﺎ، ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﺗﺨﺬﺕ ﻛﺎﻟﺢ (ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻌﺮَﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺑﺎﺳﻢ «ﻧﻤﺮﻭﺩ») ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻬﺎ، ﺛﻢ ﺟُﻌﻠﺖ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ ﻧﻴﻨﻮﻱ، ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:
.
.
1 ـ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ 2000 ـ 1500 ق.م : ﻭﻗﺪ ﺧﻀﻊ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﺇﺑﺎﻧﻬﺎ ﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺑﺎﺑﻞ ﺛﻢ ﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﻴﺘﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺳﺴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻮﺭﻳﻮﻥ.
.
.
2 ـ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻮﺳﻴﻄﺔ 1500 ـ 911 ﻕ.ﻡ : ﻭﻗﺪ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺇﺑّﺎﻧﻬﺎ ﻗﻮﺓ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻴﻦ، ﻓﺴﻴﻄﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﻏﺮﺏ ﺁﺳﻴﺎ. .
.
.
3 ـ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ 911 ـ 609 ﻕ.ﻡ:
ﻭﻗﺪ ﺷﻬﺪﺕ ﺁﺷﻮﺭ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ﻫﺠﻤﺎﺕ ﺍﻷﺧﻼﻣﻮ (ﺍﻵﺭﺍﻣﻴﻴﻦ) ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺯﻫﺎﺀ ﺛﻼﺛﺔ ﻗﺮﻭﻥ، ﻭﻇﻬﺮﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﺍﻵﺭﺍﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻫﻲ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﻤﻨﺎ، ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻴﻴﻦ، ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺙ ﻓﺘﺮﺍﺕ:
.
.
ﺃ- ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ (911 ـ 824 ﻕ.ﻡ):
ﻭﻗﺪ ﺷﻬﺪﺕ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ. ﻓﺄﻭﻗﻒ ﺷﻠﻤﺎﻧﺼﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ (853 ـ 824 ﻕ.ﻡ) ﻫﺠﻤﺎﺕ ﺍﻵﺭﺍﻣﻴﻴﻦ، ﺛﻢ ﻫﺎﺟﻢ ﺗﺤﺎﻟﻔﺎً ﻋﺒﺮﻳﺎً ﺁﺭﺍﻣﻴﺎً ﺑﻴﻦ ﺁﺧﺎﺏ ﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻲ ﻭﺑﻦ ﻫﺪﺩ ﻣﻠﻚ ﺩﻣﺸـﻖ ﻓﻲ ﻣﻌـﺮﻛﺔ ﻗـﺮﻗـﺮ ﻋﺎﻡ 853 ﻕ.ﻡ، ﻭﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﻇﻬﻮﺭ ﺣﺰﺏ ﺁﺷﻮﺭﻱ ﻗﻮﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻁ ﺁﺧﺎﺏ ﻋﺎﻡ 852 ﻕ.ﻡ، ﺩﻓﻌﺖ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ ﻵﺷﻮﺭ. ﻭﺗﻈﻬﺮ ﺃﻭﻝ ﺻﻮﺭﺓ ﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺮﺍﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﺔ ﺷﻠﻤﺎﻧﺼﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ، ﻓﻨﺮﺍﻩ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻓﺮﻭﺽ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻮﻻﺀ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻳﻬﺪﻓﻮﻥ ﺇﺑﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻔﺘﺤﻮﻧﻬﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻬﺪﻓﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻴﻴﺪ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﻭﺇﺑﻄﺎﻝ ﺃﺛﺮﻩ ﻭﺍﻻﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻐﺎﻧﻢ ﻭﺍﻷﺳﺮﻯ ﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ .
ﺏ) ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ (825 ـ 744 ﻕ.ﻡ): ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺕ ﺷﻠﻤﺎﻧﺼﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺗﺮﺍﺟﻌﺎً ﺑﺴﺒﺐ ﺍﺯﺩﻳﺎﺩ ﻗﻮﺓ ﺟﻴﺮﺍﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ. ﻭﻗﺪ ﺍﻧﺘﻬﺰﺕ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺘﺎﻥ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻭﺯﺍﺩﺗﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺮﻗﻌﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﻤﺎ، ﻭﺑﻌﺜﺘﺎ ﺍﻟﺤﻠﻒ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻱ ﻟﻶﺷﻮﺭﻳﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺿﻢ ﻛﻼًّ ﻣﻦ ﻳﺮﺑﻌﺎﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﻋﺰﻳﺎ.
.
.
ﺟـ) ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ (743 ـ 609 ﻕ.ﻡ): ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻗﺎﻡ ﺁﺷﻮﺭ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ (884 ـ 759 ﻕ.ﻡ) ﺑﺜﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﺘﻴﻚ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻟﻠﺠﻴﺶ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ، ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﺤﻘـﺒﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺑﺄﺑﻄﺎﻟﻬﺎ ﺗﻴﺠﻼﺕ ﺑﻼﺳﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ (745 ـ 727 ﻕ.ﻡ) ﻭﺷﻠﻤﺎﻧﺼﺮ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ (726 ـ 722 ﻕ.ﻡ) ﻭﺳﺮﺟﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ (722 ـ 705 ﻕ.ﻡ) ﻭﺳﻨﺎﺧﺮﻳﺐ (705 ـ 681 ﻕ.ﻡ) ﻭﺃﺳﺮﺣﺪﻭﻥ (680 ـ 669 ﻕ.ﻡ) ﻭﺁﺷﻮﺭ ﺑﺎﻧﻴﺒﺎﻝ (668 ـ 630 ﻕ.ﻡ).
ﺗﻤﻜﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻣﻦ ﺗﺪﻋﻴﻢ ﻗﻮﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ، ﻭﺃﺳﺴﻮﺍ ﺟﻴﻮﺷﺎً ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺿﻢ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﺩﻧﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﺑﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺣﺘﻔﻈﺖ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ.
.
.
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﻐﺎﻧﻢ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻭﺗﺄﺳﻴﺲ ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﻣﻜﻮَّﻧﺔ ﻣﻦ ﺃﻗﺎﻟﻴﻢ ﻭﺩﻭﻝ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﺗﺴﺎﻧﺪﻫﺎ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺗﻬﺠﻴﺮ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻬﺰﻭﻣﺔ ﻭﺗﺪﻳﺮﻫﺎ ﺑﻴﺮﻭﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺗﻀﻢ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻏﻴﺮ ﺁﺷﻮﺭﻳﺔ ﺃﻏﻠﺒﻬﺎ ﺁﺭﺍﻣﻴﺔ ﺳﺎﺩﺕ ﻟﻐﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺞ، ﻭﻗﺪ ﺷﻬﺪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻓﻲ ﻋﻈﻤﺔ ﻭﺃﺑﻬﺔ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ، ﻭﻗﺪ ﺳﻴﻄﺮ ﺗﻴﺠﻼﺕ ﺑﻼﺳﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﻴﻦ ﻭﺗﻠَّﻘﺐ ﺑﻤﻠﻚ ﺑﺎﺑﻞ، ﻭﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ،ﻓﻮﻗﻊ ﺗﺤﺖ ﻧﻔﻮﺫﻩ ﻋﻤﻮﻥ ﻭﺃﺩﻭﻡ ﻭﻣﺆﺍﺏ ﻭﻳﻬﻮﺩﺍ، ﻭﺃﺧﺬ ﻣﻨﺎﺣﻴﻢ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ.
.
.
ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﺛﻤﺔ ﺿﻌﻒ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺇﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻐﻠﻮﺑﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻬﺠَّﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻤﻬﺰﻭﻣﺔ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻘﻬﻮﺭﺓ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ .
ﻭﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، ﺑﺈﻳﻌﺎﺯ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ، ﺣﺰﺏ ﻣﻌﺎﺩ ﻵﺷﻮﺭ ﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﺎﻗﺢ ﻣﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺰﺏ، ﻓﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳُﺮﻏﻢ ﺁﺣﺎﺯ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺤﻠﻒ، ﻭﻟﻜﻦ ﺁﺣﺎﺯ ﻓﻀﻞ ﺃﻥ ﺗﻈﻞ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ، ﻭﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺁﺷﻮﺭ ﺿﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻲ ﺍﻵﺭﺍﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻀﻢ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﻠﺴﺘﻴﻮﻥ ﻭﺍﻷﺩﻭﻣﻴﻮﻥ، ﻓﻬﺐ ﺗﻴﺠﻼﺕ ﺑﻼﺳﺮ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻪ، ﻭﺳﻘﻄﺖ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺩﻣﺸﻖ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 732 ﻕ.ﻡ، ﺛﻢ ﺧﻠﻊ ﻓﺎﻗﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﻭﺃﺣﻞ ﻣﺤﻠﻪ ﻫﻮﺷﻊ ﻋﺎﻡ 726 ﻕ.ﻡ.
.
.
ﻭﻧﺘﻴﺠﺔً ﻟﺬﻟﻚ، ﻓﻘﺪﺕ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺮﻕ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭﺍﻟﺠﻠﻴﻞ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﻠﺴﺘﻴﺎ ﻭﺻﻮﺭ ﻭﻣﺆﺍﺏ ﻭﺃﺩﻭﻡ ﺃﻗﺎﻟﻴﻢ ﺁﺷﻮﺭﻳﺔ، ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﻫﻮﺷﻊ ﻋﺎﻡ 726 ﻕ.ﻡ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻴﻦ، ﺣﺎﺻﺮ ﺷﻠﻤﺎﻧﺼﺮ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﺍﻟﺴﺎﻣﺮﺓ، ﺛﻢ ﺍﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﻠﻔﻪ ﺳﺮﺟﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻓﺎﺧﺘﻔﺖ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺗﻢ ﺗﺮﺣﻴﻞ ﺯﻋﻤﺎﺋﻬﺎ ﻭﺭﺅﻭﺱ ﻗﺒﺎﺋﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺁﺷﻮﺭ ﻭﻣﻴﺪﻳﺎ (ﺷﺮﻗﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ) ﻭﺇﺣﻼﻝ ﺁﺭﺍﻣﻴﻴﻦ (ﻣﻦ ﺳﻮﺭﻳﺎ) ﻭﺑﺎﺑﻠﻴﻴﻦ ﻣﺤﻠﻬﻢ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻤﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ.
.
.
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳُﺴﻤَّﻰ «ﺍﻟﺴﺒﻲ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ» ﺃﻭ «ﺍﻟﺘﻬﺠﻴﺮ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ» ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺘﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﺛﺮﻩ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ « ﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩﺓ ».
ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﻳﻬﻮﺩﺍ ﻓﻲ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ، ﻭ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮ، ﺍﻧﺪﻟﻌﺖ ﺛﻮﺭﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺭﺩّ ﺳﻨﺎﺧﺮﻳﺐ ﺣﺎﺳﻤﺎً، ﻓﺄﺧﻤﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺳﻤﺢ ﻟﻴﻬﻮﺩﺍ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ، ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻋﺎﻭﺩ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﻜﺮَّﺓ، ﺣﺎﺻﺮ ﺳﻨﺎﺧﺮﻳﺐ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺴﻘﻂ ﺇﺫ ﺍﺿﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﻓﻚ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻮﺑﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ،
ﻭﻗﺪ ﺃﺭﻫﻘﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ، ﻭﻭﻟَّﺪﺕ ﺍﻟﺘﻮﺗﺮﺍﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ، ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻏﺘﻴﺎﻝ ﺳﻨﺎﺧﺮﻳﺐ ﻋﺎﻡ 681 ﻕ.ﻡ. ﻭﻧﺸﺒﺖ ﺑﻴﻦ ﺁﺷﻮﺭ ﺑﺎﻧﻴﺒﺎﻝ ﻭﺃﺧﻴﻪ ﺣﺎﻛﻢ ﺑﺎﺑﻞ ﺣﺮﺏ ﺍﻧﺘﺼﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ ..
ﻭﻗﺎﻡ ﻣﻨﺎﺷﻲ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺑﺜﻮﺭﺓ ﺿﺪ ﺁﺷﻮﺭ ﺑﺎﻧﺒﻴﺎﻝ ﻋﺎﻡ 652 ﻕ.ﻡ ﻓﻨﻔﺎﻩ ﻫﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﺁﺷﻮﺭ، ﺛﻢ ﺍﻧﺪﻟﻌﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ، ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺿﻮﺣﺎً، ﻓﻲ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ، ﻓﺄﻛﺪﺕ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ ﻫﻮﺷﻊ، ﻭﺍﺳﺘﻘﻠﺖ ﺑﺎﺑﻞ ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﻜﻠﺪﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﺛﻢ ﺍﻧﺪﻟﻊ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﻓﻲ ﺁﺷﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺒﻘَّﻰ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ، ﻓﻬﺎﺟﻤﻬﻢ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﻮﻥ (ﺗﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﻜﻠﺪﺍﻧﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﺤﻮﺭﻳﻴﻦ) ﻭﺳﻘﻄﺖ ﻓﻲ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻢ ﺍﻵﺷـﻮﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔـﺘﺮﺓ (614 ـ 612 ﻕ.ﻡ). ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ، ﻭﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻳﺸﻜﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻓﻘﺪ ﺻﻤﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺣﺮﺍﻥ ﺑﻤﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ (610 ـ 609 ﻕ.ﻡ)، ﻧﺠﺢ ﺍﻟﻜﻠﺪﺍﻧﻴﻮﻥ (ﺑﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﻫﻮﺷﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺮَّ ﺻﺮﻳﻌﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ) ﻓﻲ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺯﺣﻒ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺍﺧﺘﻔﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﻭﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ.
.
.
ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺑﻤﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ، ﻓﻌﻠﻰ ﺣﺪّ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ: ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻫﻢ ﺭﻭﻣﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﺩﻧﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﻓﺎﻟﺒﺎﺑﻠﻴﻮﻥ ﻫﻢ ﺇﻏﺮﻳﻘه، ﻭﻗﺪ ﻧﺠﺢ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ، ﻭﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺆﻟﻬﺎً، ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻜﻬﻨﺔ ﻭﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺑﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﻗُﺴِّﻤﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻃﻌﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺎﻛﻢ ﻣﻬﻤﺘﻪ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺻﻴﺪﻫﺎ ﻭﺻﻴﺪ ﺍﻷﺳﻤﺎﻙ (ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﻴﺪ ﻫﻮﺍﻳﺔ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ﺍﻷﻭﻟﻰ)، ﻛﻤﺎ ﻃﻮﺭﻭﺍ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻭﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ﻭﺍﻟﺠﺰﻳﺔ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻐﻠﻮﺑﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻳﻀﺎً، ﻭﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻮﻟﺖ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﻓﻦ، ﻓﻠﻘﺪ ﻃﻮﺭﻭﺍ ﻭﺃﺑﺪﻋﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﺃﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ (ﺍﻟﺘﻜﺘﻴﻚ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ)، ﻭﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﺑﺠﻴﻮﺵ ﺟﺮﺍﺭﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺗﻜﺘﺴﺢ ﻣﺎ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﺑﺸﺪﺓ ﻭﺿﺮﺍﻭﺓ ﺭﻫﻴﺒﺔ.
.
.
ﻭﻟﻬﺬﺍ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺸﻨﻮﻥ ﺣﺮﻭﺑﺎً ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻳﺴﺒﻮﻥ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻬﺰﻣﻮﻧﻬﺎ، ﻭﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺘﻬﺠﻴﺮﻫﺎ ﻭﺗﻮﻃﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺃﻭﻃﺎﻧﻬﻢ ﺛﻢ ﻳﻮﻃِّﻨﻮﻥ ﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﺃﻗﻮﺍﻣﺎً ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﻫﺬﻩ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺗﺸﺒﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻧﺰﻉ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻭﻓﺮﺽ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ، ﻭﻗﺪ ﺍﺿﻄﺮ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻟﻌﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺟﻴﺶ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺩﺍﺋﻢ ﻗﻮﻱ...
ﻭﻗﺪ ﻃﻮَّﺭ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻓﻦ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﺧﺬ ﺷﻜﻼً ﻣﺮﺑﻌﺎً ﻭﺗﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﺍﺋﻖ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﻗﻨﻮﺍﺕ ﻣﻴﺎﻩ ﺗﺠﻠﺐ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ ﺗﻄﻮﻳﺮﺍً ﻟﻠﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﺜﻴﺔ، ﻓﻄﻮﺭﻭﺍ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻭﺃﻋﻤﺪﺗﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻃﻮﺭﻭﺍ ﺍﻟﻘﻮﺱ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲ، ﻭﻓﻲ ﻧﻘﻮﺷﻬﻢ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ، ﻇﻬﺮﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﺭﺳﻮﻣﻬﻢ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﺣﻴـﺚ ﺻـﻮﺭﻭﺍ ﻣﻨـﺎﻇﺮ ﺍﻟﺼـﻴﺪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﺧﺼﻮﺻﺎً ﻣﻨﻈﺮ ﺁﻻﻡ ﺍﻷﺳﺪ ﺍﻟﺬﺑﻴﺢ. ﻭﻫﻢ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﺗﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﻃﻮَّﺭ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻄﺐ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﻤﻼﺣﻢ ﻭﺍﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﻛﻤﺎ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻧﺼﻮﺻﺎً ﺩﻳﻨﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﺘﻄﻮﺭﺓ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺇﺣﺴﺎﺱ ﻋﻤﻴﻖ ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺆﺳﺴﻮﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﺗﻀﻢ ﻣﺪﻭﻧﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ. .
.
ﻭﻳُﻘﺎﻝ ﺇﻥ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺁﺷﻮﺭ ﺑﺎﻧﻴﺒﺎﻝ ﺿﻤَّﺖ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺃﻟﻒ ﻟﻮﺡ ﻃﻴﻨﻲ ﻭﺃﺳﻄﻮﺍﻧﺎﺕ ﺗﺤﺘﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺎﺷﻴﺪ ﻭﺃﺳﺎﻃﻴﺮ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻭﺭﻳﺎﺿﻴﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺗﻀﻢ ﻋﺪﺓ ﺷﻌﻮﺏ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺗﻬﺠﻴﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻐﻠﻮﺑﺔ ﺃﺩَّﻯ ﺇﻟﻰ ﺗﺰﺍﻭﺝ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻴﻦ ﻭﺑﻨﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺩَّﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﺠﺎﻧﺲ ﺍﻟﻌﺮْﻗﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﻇﻬﻮﺭ ﺭﺅﻳﺔ ﺃﻣﻤﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ، ﻭﺗُﻌَﺪُّ ﻟﻬﺠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺃﺻﻼً ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﺔ، ﺃﻣﺎ ﻟﻬﺠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﺗﺒﻨَّﻰ ﺍﻵﺷـﻮﺭﻳﻮﻥ ﺍﻟﺨـﻂ ﺍﻟﻤﺴـﻤﺎﺭﻱ، ﺛﻢ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻮﺍ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻵﺭﺍﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﻣﺘﺄﺧﺮ. ﻭﺇﻟﻬﻬﻢ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻫﻮ ﺁﺷﻮﺭ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻭﺍﻟﺒﺸﺮ ﺟﻤﻴﻌﺎً، ﻭﻫﻮ ﺇﻟﻪ ﺣﺮﺏ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻤﺜﻠﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺭﺍﻣﻲ ﺳﻬﺎﻡ ﺩﺍﺧﻞ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺗﻤﺜﻞ ﻗﺮﺹ ﺷﻤﺲ ﻟﻬﺎ ﺃﺟﻨﺤﺔ. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻋﺸﺘﺎﺭ (ﻋﺸﺘﺮﻭﺕ)، ﺍﻹﻟﻬﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﻭﺍﻟﺨﺼﺐ، ﺗُﻌﺒَﺪ ﻓﻲ ﻛﻞٍّ ﻣﻦ ﻧﻴﻨﻮﻱ ﻭﺁﺷﻮﺭ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺗﻤﺜﻞ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻓﻴﻤﺜﻞ ﺃﻧﻮ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻭﻳﻤﺜﻞ ﺑﻞ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺃﻳﺎ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ، ﻭﺳﻴﻦ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ، ﻭﺷﻤﺎﺵ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻭﺭﻣﺎﻥ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ. .
.
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﺁﻟﻬﺔ ﺑﺎﺑﻠﻴﺔ ﻣﺎﻋﺪﺍ ﺁﺷﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻧﻈﻴﺮﺍً ﻟﻤﺮﺩﻭﺥ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲ. ﻭﻗﺪ ﺭﻓﻊ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﺇﻟﻬﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﺴﺎﻣﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺸﻮﺍﺑﻴﺔ (ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﺒﻴﺔ)، ﻭﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺃﺛَّﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﻟﻠﺨﺎﻟﻖ.
.
.
"ونلاحظ من خلال الخاتمه ان الآشوريون مشركون ليسوا على ديانة سماوية فقد اتخذوا من الأحجار و الأشكال آلهه فآلوا إلى الزوال فمن يشرك ونلاحظ من خلال الخاتمه ان الآشوريون مشركون ليسوا على ديانة سماوية فقد اتخذوا من الأحجار و الأشكال آلهه فآلوا إلى الزوال فمن يشرك بالله لا خلاق له لا دنيا ولا آخرة و الآخره هي دار القرار ولا يدوم إلا الحي القيوم، استودعكم الله ولنا عودة في سلسلة قادمة من التاريخ الإنساني"
.
.
ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ:ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ "ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ"
ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔو ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔو ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .
المرجع :
متدى التاريخ العام للمؤرخة هيام عبده مزيد ..
.
.
ﺍﻟﻨﺴﺒﺔ ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ «ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ» ﺇﻟﻰ ﺁﺷﻮﺭ، ﻭﻫﻢ ﻗﻮﻡ ﻳﺮﺟﻊ ﺃﺻﻠﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻘﺮﺕ ﺧﻼﻝ ﺍﻷﻟﻒ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻴﻼﺩ ﺷﻤﺎﻟﻲ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﺮﺍﻓﺪﻳﻦ، ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺇﻗﺎﻣﺔ ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺣﻜﻤﺖ ﺃﺟﺰﺍﺀ ﻣﻦ ﻏﺮﺏ ﺁﺳﻴﺎ ﻭﺍﺗﺨﺬﺕ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺁﺷﻮﺭ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺃﻋﺎﻟﻲ ﻧﻬﺮ ﺩﺟﻠﺔ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻬﺎ، ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﺗﺨﺬﺕ ﻛﺎﻟﺢ (ﺍﻟﺘﻲ ﺗُﻌﺮَﻑ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺑﺎﺳﻢ «ﻧﻤﺮﻭﺩ») ﻋﺎﺻﻤﺔ ﻟﻬﺎ، ﺛﻢ ﺟُﻌﻠﺖ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ ﻧﻴﻨﻮﻱ، ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻴﻦ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺍﺣﻞ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ:
.
.
1 ـ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ 2000 ـ 1500 ق.م : ﻭﻗﺪ ﺧﻀﻊ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﺇﺑﺎﻧﻬﺎ ﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺑﺎﺑﻞ ﺛﻢ ﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﻴﺘﺎﻧﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺳﺴﻬﺎ ﺍﻟﺤﻮﺭﻳﻮﻥ.
.
.
2 ـ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﻮﺳﻴﻄﺔ 1500 ـ 911 ﻕ.ﻡ : ﻭﻗﺪ ﺍﺯﺩﺍﺩﺕ ﺇﺑّﺎﻧﻬﺎ ﻗﻮﺓ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻴﻦ، ﻓﺴﻴﻄﺮﻭﺍ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﻕ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﻓﻲ ﻏﺮﺏ ﺁﺳﻴﺎ. .
.
.
3 ـ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ 911 ـ 609 ﻕ.ﻡ:
ﻭﻗﺪ ﺷﻬﺪﺕ ﺁﺷﻮﺭ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺎﺕ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﻮﺳﻴﻄﺔ ﻫﺠﻤﺎﺕ ﺍﻷﺧﻼﻣﻮ (ﺍﻵﺭﺍﻣﻴﻴﻦ) ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺯﻫﺎﺀ ﺛﻼﺛﺔ ﻗﺮﻭﻥ، ﻭﻇﻬﺮﺕ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺃﻳﻀﺎً ﺍﻟﺪﻭﻳﻼﺕ ﺍﻵﺭﺍﻣﻴﺔ ﻭﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ. ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ، ﺃﻱ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻫﻲ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻬﻤﻨﺎ، ﻓﻬﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﻣﺼﻴﺮ ﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻴﻴﻦ، ﻭﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺴﻴﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺇﻟﻰ ﺛﻼﺙ ﻓﺘﺮﺍﺕ:
.
.
ﺃ- ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ (911 ـ 824 ﻕ.ﻡ):
ﻭﻗﺪ ﺷﻬﺪﺕ ﻇﻬﻮﺭ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ. ﻓﺄﻭﻗﻒ ﺷﻠﻤﺎﻧﺼﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ (853 ـ 824 ﻕ.ﻡ) ﻫﺠﻤﺎﺕ ﺍﻵﺭﺍﻣﻴﻴﻦ، ﺛﻢ ﻫﺎﺟﻢ ﺗﺤﺎﻟﻔﺎً ﻋﺒﺮﻳﺎً ﺁﺭﺍﻣﻴﺎً ﺑﻴﻦ ﺁﺧﺎﺏ ﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻲ ﻭﺑﻦ ﻫﺪﺩ ﻣﻠﻚ ﺩﻣﺸـﻖ ﻓﻲ ﻣﻌـﺮﻛﺔ ﻗـﺮﻗـﺮ ﻋﺎﻡ 853 ﻕ.ﻡ، ﻭﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﻇﻬﻮﺭ ﺣﺰﺏ ﺁﺷﻮﺭﻱ ﻗﻮﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، ﻭﺑﻌﺪ ﺳﻘﻮﻁ ﺁﺧﺎﺏ ﻋﺎﻡ 852 ﻕ.ﻡ، ﺩﻓﻌﺖ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ ﻵﺷﻮﺭ. ﻭﺗﻈﻬﺮ ﺃﻭﻝ ﺻﻮﺭﺓ ﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺮﺍﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﻠﺔ ﺷﻠﻤﺎﻧﺼﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ، ﻓﻨﺮﺍﻩ ﻳﻘﻮﻡ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﻓﺮﻭﺽ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻟﻮﻻﺀ ﻟﻠﻤﻠﻚ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ، ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻳﻬﺪﻓﻮﻥ ﺇﺑﺎﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻔﺘﺤﻮﻧﻬﺎ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻬﺪﻓﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻴﻴﺪ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﻭﺇﺑﻄﺎﻝ ﺃﺛﺮﻩ ﻭﺍﻻﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻐﺎﻧﻢ ﻭﺍﻷﺳﺮﻯ ﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﺍﻹﻧﺸﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ .
ﺏ) ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ (825 ـ 744 ﻕ.ﻡ): ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺕ ﺷﻠﻤﺎﻧﺼﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺗﺮﺍﺟﻌﺎً ﺑﺴﺒﺐ ﺍﺯﺩﻳﺎﺩ ﻗﻮﺓ ﺟﻴﺮﺍﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ. ﻭﻗﺪ ﺍﻧﺘﻬﺰﺕ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺘﺎﻥ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺮﺻﺔ ﻭﺯﺍﺩﺗﺎ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﺣﺔ ﺍﻟﺮﻗﻌﺔ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻬﻤﺎ، ﻭﺑﻌﺜﺘﺎ ﺍﻟﺤﻠﻒ ﺍﻟﻤﻌﺎﺩﻱ ﻟﻶﺷﻮﺭﻳﻴﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺿﻢ ﻛﻼًّ ﻣﻦ ﻳﺮﺑﻌﺎﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﻋﺰﻳﺎ.
.
.
ﺟـ) ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ (743 ـ 609 ﻕ.ﻡ): ﻋﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻗﺎﻡ ﺁﺷﻮﺭ ﻧﺎﺻﺮ ﺑﺎﻝ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ (884 ـ 759 ﻕ.ﻡ) ﺑﺜﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﺘﻴﻚ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ ﻟﻠﺠﻴﺶ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ، ﻭﺑﺪﺃﺕ ﺍﻟﺤﻘـﺒﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺑﺄﺑﻄﺎﻟﻬﺎ ﺗﻴﺠﻼﺕ ﺑﻼﺳﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ (745 ـ 727 ﻕ.ﻡ) ﻭﺷﻠﻤﺎﻧﺼﺮ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ (726 ـ 722 ﻕ.ﻡ) ﻭﺳﺮﺟﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ (722 ـ 705 ﻕ.ﻡ) ﻭﺳﻨﺎﺧﺮﻳﺐ (705 ـ 681 ﻕ.ﻡ) ﻭﺃﺳﺮﺣﺪﻭﻥ (680 ـ 669 ﻕ.ﻡ) ﻭﺁﺷﻮﺭ ﺑﺎﻧﻴﺒﺎﻝ (668 ـ 630 ﻕ.ﻡ).
ﺗﻤﻜﻦ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﻠﻮﻙ ﻣﻦ ﺗﺪﻋﻴﻢ ﻗﻮﺗﻬﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﺍﺧﻞ، ﻭﺃﺳﺴﻮﺍ ﺟﻴﻮﺷﺎً ﻧﻈﺎﻣﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻧﺠﺤﺖ ﻓﻲ ﺿﻢ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﺩﻧﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ ﺑﺄﻛﻤﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺎﺑﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺣﺘﻔﻈﺖ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺑﺸﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ.
.
.
ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﻐﺎﻧﻢ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻭﺗﺄﺳﻴﺲ ﺇﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﻣﻜﻮَّﻧﺔ ﻣﻦ ﺃﻗﺎﻟﻴﻢ ﻭﺩﻭﻝ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﺗﺴﺎﻧﺪﻫﺎ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺗﻬﺠﻴﺮ ﻟﻠﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻬﺰﻭﻣﺔ ﻭﺗﺪﻳﺮﻫﺎ ﺑﻴﺮﻭﻗﺮﺍﻃﻴﺔ ﻣﺮﻛﺒﺔ ﺗﻀﻢ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻏﻴﺮ ﺁﺷﻮﺭﻳﺔ ﺃﻏﻠﺒﻬﺎ ﺁﺭﺍﻣﻴﺔ ﺳﺎﺩﺕ ﻟﻐﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺪﺭﻳﺞ، ﻭﻗﺪ ﺷﻬﺪﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻓﻲ ﻋﻈﻤﺔ ﻭﺃﺑﻬﺔ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ، ﻭﻗﺪ ﺳﻴﻄﺮ ﺗﻴﺠﻼﺕ ﺑﻼﺳﺮ ﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﺳﻴﻄﺮﺓ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﻴﻦ ﻭﺗﻠَّﻘﺐ ﺑﻤﻠﻚ ﺑﺎﺑﻞ، ﻭﺃﻋﺎﺩ ﺍﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ،ﻓﻮﻗﻊ ﺗﺤﺖ ﻧﻔﻮﺫﻩ ﻋﻤﻮﻥ ﻭﺃﺩﻭﻡ ﻭﻣﺆﺍﺏ ﻭﻳﻬﻮﺩﺍ، ﻭﺃﺧﺬ ﻣﻨﺎﺣﻴﻢ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ.
.
.
ﻭﻟﻜﻦ ﻛﺎﻥ ﺛﻤﺔ ﺿﻌﻒ ﺃﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺇﺫ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻐﻠﻮﺑﺔ ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﺍﻟﻤﻬﺠَّﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻤﻬﺰﻭﻣﺔ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻘﻬﻮﺭﺓ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ .
ﻭﻗﺪ ﻇﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ، ﺑﺈﻳﻌﺎﺯ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ، ﺣﺰﺏ ﻣﻌﺎﺩ ﻵﺷﻮﺭ ﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﻛﺎﻥ ﻓﺎﻗﺢ ﻣﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺰﺏ، ﻓﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳُﺮﻏﻢ ﺁﺣﺎﺯ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺩﺧﻮﻝ ﺍﻟﺤﻠﻒ، ﻭﻟﻜﻦ ﺁﺣﺎﺯ ﻓﻀﻞ ﺃﻥ ﺗﻈﻞ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ، ﻭﻃﻠﺐ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺁﺷﻮﺭ ﺿﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﻌﺒﺮﺍﻧﻲ ﺍﻵﺭﺍﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻧﻀﻢ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﻠﺴﺘﻴﻮﻥ ﻭﺍﻷﺩﻭﻣﻴﻮﻥ، ﻓﻬﺐ ﺗﻴﺠﻼﺕ ﺑﻼﺳﺮ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻪ، ﻭﺳﻘﻄﺖ ﺃﻣﺎﻣﻪ ﺩﻣﺸﻖ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 732 ﻕ.ﻡ، ﺛﻢ ﺧﻠﻊ ﻓﺎﻗﺢ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺮﺵ ﻭﺃﺣﻞ ﻣﺤﻠﻪ ﻫﻮﺷﻊ ﻋﺎﻡ 726 ﻕ.ﻡ.
.
.
ﻭﻧﺘﻴﺠﺔً ﻟﺬﻟﻚ، ﻓﻘﺪﺕ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﻣﻤﺘﻠﻜﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺷﺮﻕ ﺍﻷﺭﺩﻥ ﻭﺍﻟﺠﻠﻴﻞ، ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﻠﺴﺘﻴﺎ ﻭﺻﻮﺭ ﻭﻣﺆﺍﺏ ﻭﺃﺩﻭﻡ ﺃﻗﺎﻟﻴﻢ ﺁﺷﻮﺭﻳﺔ، ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﻫﻮﺷﻊ ﻋﺎﻡ 726 ﻕ.ﻡ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻴﻦ، ﺣﺎﺻﺮ ﺷﻠﻤﺎﻧﺼﺮ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﺍﻟﺴﺎﻣﺮﺓ، ﺛﻢ ﺍﺳﺘﻮﻟﻰ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺧﻠﻔﻪ ﺳﺮﺟﻮﻥ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ، ﻓﺎﺧﺘﻔﺖ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺑﺪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﺗﻢ ﺗﺮﺣﻴﻞ ﺯﻋﻤﺎﺋﻬﺎ ﻭﺭﺅﻭﺱ ﻗﺒﺎﺋﻠﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺁﺷﻮﺭ ﻭﻣﻴﺪﻳﺎ (ﺷﺮﻗﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ) ﻭﺇﺣﻼﻝ ﺁﺭﺍﻣﻴﻴﻦ (ﻣﻦ ﺳﻮﺭﻳﺎ) ﻭﺑﺎﺑﻠﻴﻴﻦ ﻣﺤﻠﻬﻢ ﺑﺤﺴﺐ ﺍﻟﻤﺪﻭﻧﺎﺕ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ.
.
.
ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳُﺴﻤَّﻰ «ﺍﻟﺴﺒﻲ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ» ﺃﻭ «ﺍﻟﺘﻬﺠﻴﺮ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ» ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺧﺘﻔﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﺛﺮﻩ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻌﺸﺮ « ﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩﺓ ».
ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﻳﻬﻮﺩﺍ ﻓﻲ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ، ﻭ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻣﺮ، ﺍﻧﺪﻟﻌﺖ ﺛﻮﺭﺓ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﺘﺄﻳﻴﺪ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺭﺩّ ﺳﻨﺎﺧﺮﻳﺐ ﺣﺎﺳﻤﺎً، ﻓﺄﺧﻤﺪ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﺳﻤﺢ ﻟﻴﻬﻮﺩﺍ ﺃﻥ ﺗﺴﺘﻤﺮ ﻛﺪﻭﻟﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ، ﻭﺣﻴﻨﻤﺎ ﻋﺎﻭﺩ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﻜﺮَّﺓ، ﺣﺎﺻﺮ ﺳﻨﺎﺧﺮﻳﺐ ﺍﻟﻘﺪﺱ ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺴﻘﻂ ﺇﺫ ﺍﺿﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﻓﻚ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻮﺑﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺍﻟﺠﺰﻳﺔ،
ﻭﻗﺪ ﺃﺭﻫﻘﺖ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ، ﻭﻭﻟَّﺪﺕ ﺍﻟﺘﻮﺗﺮﺍﺕ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ، ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺎﻏﺘﻴﺎﻝ ﺳﻨﺎﺧﺮﻳﺐ ﻋﺎﻡ 681 ﻕ.ﻡ. ﻭﻧﺸﺒﺖ ﺑﻴﻦ ﺁﺷﻮﺭ ﺑﺎﻧﻴﺒﺎﻝ ﻭﺃﺧﻴﻪ ﺣﺎﻛﻢ ﺑﺎﺑﻞ ﺣﺮﺏ ﺍﻧﺘﺼﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻷﻭﻝ ..
ﻭﻗﺎﻡ ﻣﻨﺎﺷﻲ ﻣﻠﻚ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺑﺜﻮﺭﺓ ﺿﺪ ﺁﺷﻮﺭ ﺑﺎﻧﺒﻴﺎﻝ ﻋﺎﻡ 652 ﻕ.ﻡ ﻓﻨﻔﺎﻩ ﻫﺬﺍ ﺇﻟﻰ ﺁﺷﻮﺭ، ﺛﻢ ﺍﻧﺪﻟﻌﺖ ﺍﻟﺜﻮﺭﺍﺕ، ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻛﺜﺮ ﻭﺿﻮﺣﺎً، ﻓﻲ ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ، ﻓﺄﻛﺪﺕ ﺍﻟﻤﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺍﺳﺘﻘﻼﻟﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ ﻫﻮﺷﻊ، ﻭﺍﺳﺘﻘﻠﺖ ﺑﺎﺑﻞ ﺗﺤﺖ ﺣﻜﻢ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﻜﻠﺪﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﺛﻢ ﺍﻧﺪﻟﻊ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺃﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ ﻓﻲ ﺁﺷﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺒﻘَّﻰ ﻣﻦ ﻗﻮﺓ، ﻓﻬﺎﺟﻤﻬﻢ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﻮﻥ (ﺗﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﻜﻠﺪﺍﻧﻴﻴﻦ ﻭﺍﻟﺤﻮﺭﻳﻴﻦ) ﻭﺳﻘﻄﺖ ﻓﻲ ﺃﻳﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﻌﻮﺍﺻﻢ ﺍﻵﺷـﻮﺭﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻔـﺘﺮﺓ (614 ـ 612 ﻕ.ﻡ). ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺠﻴﺶ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ، ﻭﻛﺎﻥ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻳﺸﻜﻞ ﺩﻭﻟﺔ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻓﻘﺪ ﺻﻤﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺣﺮﺍﻥ ﺑﻤﺴﺎﻧﺪﺓ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﻴﻦ، ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ (610 ـ 609 ﻕ.ﻡ)، ﻧﺠﺢ ﺍﻟﻜﻠﺪﺍﻧﻴﻮﻥ (ﺑﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﻫﻮﺷﻊ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﺮَّ ﺻﺮﻳﻌﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺮﻛﺔ) ﻓﻲ ﺗﺄﺧﻴﺮ ﺯﺣﻒ ﺍﻟﻘﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ، ﻭﺑﺬﻟﻚ ﺍﺧﺘﻔﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﻭﻇﻬﺮﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ.
.
.
ﻭﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻭﺻﻒ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺑﻤﻌﺰﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﺓ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ، ﻓﻌﻠﻰ ﺣﺪّ ﻗﻮﻝ ﺍﻟﻤﺆﺭﺧﻴﻦ: ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻫﻢ ﺭﻭﻣﺎﻥ ﺍﻟﺸﺮﻕ ﺍﻷﺩﻧﻰ ﺍﻟﻘﺪﻳﻢ، ﻓﺎﻟﺒﺎﺑﻠﻴﻮﻥ ﻫﻢ ﺇﻏﺮﻳﻘه، ﻭﻗﺪ ﻧﺠﺢ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﻟﻠﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﻟﻨﻈﺎﻡ، ﻭﻋﻠﻰ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻛﺎﻥ ﻳﻮﺟﺪ ﺍﻟﻤﻠﻚ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﺆﻟﻬﺎً، ﺛﻢ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﻜﻬﻨﺔ ﻭﻃﺒﻘﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺑﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﻗُﺴِّﻤﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻃﻌﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺭﺃﺱ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺎﻛﻢ ﻣﻬﻤﺘﻪ ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻀﺮﺍﺋﺐ ﻭﺗﻨﻔﻴﺬ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﺔ ﻭﺗﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﺻﻴﺪﻫﺎ ﻭﺻﻴﺪ ﺍﻷﺳﻤﺎﻙ (ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﻴﺪ ﻫﻮﺍﻳﺔ ﺍﻟﻨﺒﻼﺀ ﺍﻷﻭﻟﻰ)، ﻛﻤﺎ ﻃﻮﺭﻭﺍ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺧﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻭﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻢ ﻭﺍﻟﺠﺰﻳﺔ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺿﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻐﻠﻮﺑﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻳﻀﺎً، ﻭﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻭﺍﺋﻞ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﻮﻟﺖ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺇﻟﻰ ﻓﻦ، ﻓﻠﻘﺪ ﻃﻮﺭﻭﺍ ﻭﺃﺑﺪﻋﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﺃﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﺤﺼﺎﺭ (ﺍﻟﺘﻜﺘﻴﻚ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ)، ﻭﺍﻟﻬﺠﻮﻡ ﺑﺠﻴﻮﺵ ﺟﺮﺍﺭﺓ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺗﻜﺘﺴﺢ ﻣﺎ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﺑﺸﺪﺓ ﻭﺿﺮﺍﻭﺓ ﺭﻫﻴﺒﺔ.
.
.
ﻭﻟﻬﺬﺍ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺸﻨﻮﻥ ﺣﺮﻭﺑﺎً ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻳﺴﺒﻮﻥ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻬﺰﻣﻮﻧﻬﺎ، ﻭﻳﻘﻮﻣﻮﻥ ﺑﺘﻬﺠﻴﺮﻫﺎ ﻭﺗﻮﻃﻴﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﺃﻣﺎﻛﻦ ﺑﻌﻴﺪﺓ ﻋﻦ ﺃﻭﻃﺎﻧﻬﻢ ﺛﻢ ﻳﻮﻃِّﻨﻮﻥ ﻣﻜﺎﻧﻬﻢ ﺃﻗﻮﺍﻣﺎً ﺃﺧﺮﻯ، ﻭﻫﺬﻩ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺗﺸﺒﻪ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻮﺟﻮﻩ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻧﺰﻉ ﺍﻟﺴﻼﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﻭﻓﺮﺽ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ، ﻭﻗﺪ ﺍﺿﻄﺮ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ ﻟﻌﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﻗﺎﻋﺪﺓ ﺑﺸﺮﻳﺔ ﺿﺨﻤﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﻮﺟﻮﺩ ﺟﻴﺶ ﺍﺣﺘﻼﻝ ﺩﺍﺋﻢ ﻗﻮﻱ...
ﻭﻗﺪ ﻃﻮَّﺭ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻓﻦ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺄﺧﺬ ﺷﻜﻼً ﻣﺮﺑﻌﺎً ﻭﺗﺤﺘﻮﻱ ﻋﻠﻰ ﺣﺪﺍﺋﻖ ﺣﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﻧﺒﺎﺗﺎﺕ ﻭﻗﻨﻮﺍﺕ ﻣﻴﺎﻩ ﺗﺠﻠﺐ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻵﺷﻮﺭﻱ ﺗﻄﻮﻳﺮﺍً ﻟﻠﻔﻨﻮﻥ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻴﺜﻴﺔ، ﻓﻄﻮﺭﻭﺍ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻷﺣﺠﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻟﻤﺒﺎﻧﻲ ﻭﺃﻋﻤﺪﺗﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻃﻮﺭﻭﺍ ﺍﻟﻘﻮﺱ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲ، ﻭﻓﻲ ﻧﻘﻮﺷﻬﻢ ﺍﻟﺒﺎﺭﺯﺓ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ، ﻇﻬﺮﺕ ﺃﻛﺜﺮ ﺭﺳﻮﻣﻬﻢ ﺃﺻﺎﻟﺔ ﺣﻴـﺚ ﺻـﻮﺭﻭﺍ ﻣﻨـﺎﻇﺮ ﺍﻟﺼـﻴﺪ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻭﺧﺼﻮﺻﺎً ﻣﻨﻈﺮ ﺁﻻﻡ ﺍﻷﺳﺪ ﺍﻟﺬﺑﻴﺢ. ﻭﻫﻢ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺃﻭﻝ ﻧﻮﺗﺔ ﻣﻮﺳﻴﻘﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﻃﻮَّﺭ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﻛﺬﻟﻚ ﻣﻌﺎﺭﻑ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻴﻤﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻄﺐ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﺍﻷﺩﺑﻴﺔ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﻤﻼﺣﻢ ﻭﺍﻷﺳﺎﻃﻴﺮ ﻛﻤﺎ ﺗﻀﻤﻨﺖ ﻧﺼﻮﺻﺎً ﺩﻳﻨﻴﺔ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻣﺘﻄﻮﺭﺓ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﺇﺫ ﻛﺎﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺇﺣﺴﺎﺱ ﻋﻤﻴﻖ ﺑﺎﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻔﺎﻅ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻬﻢ ﻳﺆﺳﺴﻮﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﻜﺘﺒﺎﺕ ﺗﻀﻢ ﻣﺪﻭﻧﺎﺗﻬﻢ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻴﺔ. .
.
ﻭﻳُﻘﺎﻝ ﺇﻥ ﻣﻜﺘﺒﺔ ﺁﺷﻮﺭ ﺑﺎﻧﻴﺒﺎﻝ ﺿﻤَّﺖ ﺍﺛﻨﻴﻦ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺃﻟﻒ ﻟﻮﺡ ﻃﻴﻨﻲ ﻭﺃﺳﻄﻮﺍﻧﺎﺕ ﺗﺤﺘﻮﻯ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﺎﺷﻴﺪ ﻭﺃﺳﺎﻃﻴﺮ ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻭﺭﻳﺎﺿﻴﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻹﻣﺒﺮﺍﻃﻮﺭﻳﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﺗﻀﻢ ﻋﺪﺓ ﺷﻌﻮﺏ، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺗﻬﺠﻴﺮ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻟﻤﻐﻠﻮﺑﺔ ﺃﺩَّﻯ ﺇﻟﻰ ﺗﺰﺍﻭﺝ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻴﻦ ﻭﺑﻨﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﻮﺏ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺩَّﻯ ﺇﻟﻰ ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﺠﺎﻧﺲ ﺍﻟﻌﺮْﻗﻲ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻭﻇﻬﻮﺭ ﺭﺅﻳﺔ ﺃﻣﻤﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ ﺍﻟﺴﺎﻣﻴﺔ، ﻭﺗُﻌَﺪُّ ﻟﻬﺠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺃﺻﻼً ﻟﻠﻐﺔ ﺍﻷﻛﺎﺩﻳﺔ، ﺃﻣﺎ ﻟﻬﺠﺘﻬﺎ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﻓﻬﻲ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﺗﺒﻨَّﻰ ﺍﻵﺷـﻮﺭﻳﻮﻥ ﺍﻟﺨـﻂ ﺍﻟﻤﺴـﻤﺎﺭﻱ، ﺛﻢ ﺍﺳﺘﺨﺪﻣﻮﺍ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻵﺭﺍﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﻣﺘﺄﺧﺮ. ﻭﺇﻟﻬﻬﻢ ﺍﻟﻘﻮﻣﻲ ﻫﻮ ﺁﺷﻮﺭ ﺧﺎﻟﻖ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﻭﺍﻟﺒﺸﺮ ﺟﻤﻴﻌﺎً، ﻭﻫﻮ ﺇﻟﻪ ﺣﺮﺏ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻤﺜﻠﻮﻧﻪ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺭﺍﻣﻲ ﺳﻬﺎﻡ ﺩﺍﺧﻞ ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺗﻤﺜﻞ ﻗﺮﺹ ﺷﻤﺲ ﻟﻬﺎ ﺃﺟﻨﺤﺔ. ﻭﻛﺎﻧﺖ ﻋﺸﺘﺎﺭ (ﻋﺸﺘﺮﻭﺕ)، ﺍﻹﻟﻬﺔ ﺍﻟﻌﻈﻴﻤﺔ ﻟﻠﺤﺮﺏ ﻭﺍﻟﺨﺼﺐ، ﺗُﻌﺒَﺪ ﻓﻲ ﻛﻞٍّ ﻣﻦ ﻧﻴﻨﻮﻱ ﻭﺁﺷﻮﺭ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺗﻤﺜﻞ ﻗﻮﻯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻓﻴﻤﺜﻞ ﺃﻧﻮ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ، ﻭﻳﻤﺜﻞ ﺑﻞ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺃﻳﺎ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﻤﻴﺎﻩ، ﻭﺳﻴﻦ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ، ﻭﺷﻤﺎﺵ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﺸﻤﺲ، ﻭﺭﻣﺎﻥ ﻳﻤﺜﻞ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ. .
.
ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﻛﻠﻬﺎ ﺁﻟﻬﺔ ﺑﺎﺑﻠﻴﺔ ﻣﺎﻋﺪﺍ ﺁﺷﻮﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻧﻈﻴﺮﺍً ﻟﻤﺮﺩﻭﺥ ﺍﻟﺒﺎﺑﻠﻲ. ﻭﻗﺪ ﺭﻓﻊ ﺍﻵﺷﻮﺭﻳﻮﻥ ﺇﻟﻬﻬﻢ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﺘﺴﺎﻣﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻵﻟﻬﺔ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﻧﻮﻉ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺸﻮﺍﺑﻴﺔ (ﺍﻟﺘﻐﻠﻴﺒﻴﺔ)، ﻭﻫﻮ ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺃﺛَّﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺼﻮﺭ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻱ ﻟﻠﺨﺎﻟﻖ.
.
.
"ونلاحظ من خلال الخاتمه ان الآشوريون مشركون ليسوا على ديانة سماوية فقد اتخذوا من الأحجار و الأشكال آلهه فآلوا إلى الزوال فمن يشرك ونلاحظ من خلال الخاتمه ان الآشوريون مشركون ليسوا على ديانة سماوية فقد اتخذوا من الأحجار و الأشكال آلهه فآلوا إلى الزوال فمن يشرك بالله لا خلاق له لا دنيا ولا آخرة و الآخره هي دار القرار ولا يدوم إلا الحي القيوم، استودعكم الله ولنا عودة في سلسلة قادمة من التاريخ الإنساني"
.
.
ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﺭ:ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ "ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﻭﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻳﺔ ﻭﺍﻟﺼﻬﻴﻮﻧﻴﺔ"
ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔو ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻹﻧﺠﻠﻴﺰﻳﺔو ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ .
المرجع :
متدى التاريخ العام للمؤرخة هيام عبده مزيد ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق