"بين #أبو_جعفر_المنصور و #صقر_قريش "
.
.
وذكر أن أبا جعفر المنصور قال لبعض جلسائه يوماً :
.
.
أخبروني: من صقر قريش من الملوك؟!
قالوا : ذاك أمير المؤمنين الذي راض الملوك، وسكّن الزلازل، وأباد الأعداء، وحسَم الأدواء!
قال :ما قلتم شيئا!
قالوا:فمعاوية؟
قال: لا!
قالوا: فعبد الملك بن مروان؟
قال: ما قلتم شيئا!
قالوا: يا أمير المؤمنين! فمن هو؟
قال: "صقر قريش عبد الرحمن بن معاوية( الداخل وهو حفيد هشام بن عبد الملك )، الذي عبر البحر، وقطع القَفْر، ودخل بلدا أعجميا، منفردا بنفسه؛ فمصّر الأمصار، وجنّد الأجناد، ودوّن الدواوين، وأقام ملكا عظيما بعد انقطاعه، بحسن تدبيره، وشدة سَكيمته. إنّ معاوية نهض بمركب حمله عليه عمر وعثمان، وذلّلا له صعبه؛ وعبد الملك ببيعه أبرم عقدها؛ وأمير المؤمنين يطلب عترته، واجتماع شيعته. وعبد الرحمن منفرد بنفسه، مؤيَّد برأيه، مستصحِب لعزمه، وطّد الخلافة بالأندلس، وافتتح الثغور، وقتل المارقين، وأذلّ الجبابرة الثائرين!"
.
.
فقال الجميع: صدقت - والله - يا أمير المؤمنين!
.
.
وكان الإمام عبد الرحمن من أهل العلم، وعلى سيرة جميلة من العدل. ومن قوله رحمه الله! يتذكر وطنه (خفيف) :
.
.
أيُّها الراكبُ المُيَمّمِ أَرْضِي
اقْرأ بَعْضَ السلامِ عَنّي لبَعْضِي.
إنّ جِسْمِي كَمَا تَرَاهُ بأرْضِ
وَفُؤادِي ومَالِكيِهِ بأرْضِ.
قُدِرَ البَيْنُ بَيْنَنَا فافْتَرَقْنا
وطَوَى البَيْنُ عن جُفوني غَمْضيِ.
قدْ قَضَى اللهُ بالبِعادِ عَلَينا
فَعَسَى باقْتِرابِنا سوْفَ يَقْضِي. .. انتهى [1]
.
.
وَكَانَ الْمَنْصُورُ إِذَا ذُكِرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ذَاكَ صَقْرُ قُرَيْشٍ، دَخَلَ الْمَغْرِبَ وَقَدْ قُتِلَ قَوْمُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَضْرِبُ الْعَدْنَانِيَّةَ بِالْقَحْطَانِيَّةِ حَتَّى تَمَلَّكَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ: (أَقَامَ عَبْدُ) [1] الرَّحْمَنِ فِي بِلادِهِ (يَدْعُو) بِالْخِلافَةِ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ أَعْوَامًا، ثُمَّ تَرَكَ الْخُطْبَةَ [2] .
وَقِيلَ لَمَّا تَوَطَّدَ مُلْكُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَارَتْ إِلَيْهِ بَنُو أُمَيَّةَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَأَكْرَمَ مَوْرِدَهُمْ وَادَّبَّرَ أَرْزَاقَهُمْ، وَلَمْ يَهْجُهُ بَنُو الْعَبَّاسِ، وَلا هُوَ تَعَرَّضَ لَهُمْ، بَلْ قَنَعَ بِإِقْلِيمِ الأَنْدَلُسِ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ اللُّغَوِيُّ الَّذِي تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ: كَانَ بِقُرْطُبَةَ جَنَّةٌ اتَّخَذَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ فِيهَا نَخْلَةٌ أَدْرَكْتُهَا، وَمِنْهَا تَوَلَّدَتْ كُلُّ نَخْلَةٍ بِالأَنْدَلُسِ.
قَالَ: وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ:
يَا نَخْلَ أَنْتِ غريبة مثلي
في الغرب نَائِيَةٌ عَنِ الأَصْلِ
فَابْكِي، وَهَلْ تَبْكِي مُكَيَّسَةٌ [3]
عَجْمَاءُ، لَمْ تُطْبَعْ عَلَى خَيْلِ؟
لَوْ أَنَّهَا تَبْكِي، إِذًا لَبَكَتْ
مَاءَ الْفُرَاتِ وَمَنْبِتَ النَّخْلِ
لكنّها ذهلت وأذهلني
(بعضي) [4] بَنِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَهْلِي [5] ... انتهى . ...[2]
...............
الحاشية :
[1] في الأصل بياض، وما أثبتناه بين القوسين اعتمادا على (الحلّة السيراء 1/ 35) .
[2] انظر: الحلّة السيراء 1/ 35، 36) .
[3] في سير أعلام النبلاء 8/ 224 «ملمّسة» .
[4] في الأصل بياض، واستدركتها من الحلّة.
[5] الأبيات في: الحلّة السيراء لابن الأبّار 1/ 37، وسير أعلام النبلاء 8/ 223، 224، وقد ذكرها المقّري في «نفح الطيب» 3/ 60 باختلاف عما هنا، ونسبها لعبد الملك بن مروان.
.
.
المصدر :
.
.
[1] البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب
المؤلف: ابن عذاري المراكشي، أبو عبد الله محمد بن محمد (المتوفى: نحو 695هـ)
.
.
[2] تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) . . تدقيق الأستاذ عبيدة السماوي .
.
.
وذكر أن أبا جعفر المنصور قال لبعض جلسائه يوماً :
.
.
أخبروني: من صقر قريش من الملوك؟!
قالوا : ذاك أمير المؤمنين الذي راض الملوك، وسكّن الزلازل، وأباد الأعداء، وحسَم الأدواء!
قال :ما قلتم شيئا!
قالوا:فمعاوية؟
قال: لا!
قالوا: فعبد الملك بن مروان؟
قال: ما قلتم شيئا!
قالوا: يا أمير المؤمنين! فمن هو؟
قال: "صقر قريش عبد الرحمن بن معاوية( الداخل وهو حفيد هشام بن عبد الملك )، الذي عبر البحر، وقطع القَفْر، ودخل بلدا أعجميا، منفردا بنفسه؛ فمصّر الأمصار، وجنّد الأجناد، ودوّن الدواوين، وأقام ملكا عظيما بعد انقطاعه، بحسن تدبيره، وشدة سَكيمته. إنّ معاوية نهض بمركب حمله عليه عمر وعثمان، وذلّلا له صعبه؛ وعبد الملك ببيعه أبرم عقدها؛ وأمير المؤمنين يطلب عترته، واجتماع شيعته. وعبد الرحمن منفرد بنفسه، مؤيَّد برأيه، مستصحِب لعزمه، وطّد الخلافة بالأندلس، وافتتح الثغور، وقتل المارقين، وأذلّ الجبابرة الثائرين!"
.
.
فقال الجميع: صدقت - والله - يا أمير المؤمنين!
.
.
وكان الإمام عبد الرحمن من أهل العلم، وعلى سيرة جميلة من العدل. ومن قوله رحمه الله! يتذكر وطنه (خفيف) :
.
.
أيُّها الراكبُ المُيَمّمِ أَرْضِي
اقْرأ بَعْضَ السلامِ عَنّي لبَعْضِي.
إنّ جِسْمِي كَمَا تَرَاهُ بأرْضِ
وَفُؤادِي ومَالِكيِهِ بأرْضِ.
قُدِرَ البَيْنُ بَيْنَنَا فافْتَرَقْنا
وطَوَى البَيْنُ عن جُفوني غَمْضيِ.
قدْ قَضَى اللهُ بالبِعادِ عَلَينا
فَعَسَى باقْتِرابِنا سوْفَ يَقْضِي. .. انتهى [1]
.
.
وَكَانَ الْمَنْصُورُ إِذَا ذُكِرَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: ذَاكَ صَقْرُ قُرَيْشٍ، دَخَلَ الْمَغْرِبَ وَقَدْ قُتِلَ قَوْمُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يَضْرِبُ الْعَدْنَانِيَّةَ بِالْقَحْطَانِيَّةِ حَتَّى تَمَلَّكَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ: (أَقَامَ عَبْدُ) [1] الرَّحْمَنِ فِي بِلادِهِ (يَدْعُو) بِالْخِلافَةِ لِأَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ أَعْوَامًا، ثُمَّ تَرَكَ الْخُطْبَةَ [2] .
وَقِيلَ لَمَّا تَوَطَّدَ مُلْكُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَارَتْ إِلَيْهِ بَنُو أُمَيَّةَ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَأَكْرَمَ مَوْرِدَهُمْ وَادَّبَّرَ أَرْزَاقَهُمْ، وَلَمْ يَهْجُهُ بَنُو الْعَبَّاسِ، وَلا هُوَ تَعَرَّضَ لَهُمْ، بَلْ قَنَعَ بِإِقْلِيمِ الأَنْدَلُسِ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ اللُّغَوِيُّ الَّذِي تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعِمِائَةٍ: كَانَ بِقُرْطُبَةَ جَنَّةٌ اتَّخَذَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ فِيهَا نَخْلَةٌ أَدْرَكْتُهَا، وَمِنْهَا تَوَلَّدَتْ كُلُّ نَخْلَةٍ بِالأَنْدَلُسِ.
قَالَ: وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُعَاوِيَةَ:
يَا نَخْلَ أَنْتِ غريبة مثلي
في الغرب نَائِيَةٌ عَنِ الأَصْلِ
فَابْكِي، وَهَلْ تَبْكِي مُكَيَّسَةٌ [3]
عَجْمَاءُ، لَمْ تُطْبَعْ عَلَى خَيْلِ؟
لَوْ أَنَّهَا تَبْكِي، إِذًا لَبَكَتْ
مَاءَ الْفُرَاتِ وَمَنْبِتَ النَّخْلِ
لكنّها ذهلت وأذهلني
(بعضي) [4] بَنِي الْعَبَّاسِ عَنْ أَهْلِي [5] ... انتهى . ...[2]
...............
الحاشية :
[1] في الأصل بياض، وما أثبتناه بين القوسين اعتمادا على (الحلّة السيراء 1/ 35) .
[2] انظر: الحلّة السيراء 1/ 35، 36) .
[3] في سير أعلام النبلاء 8/ 224 «ملمّسة» .
[4] في الأصل بياض، واستدركتها من الحلّة.
[5] الأبيات في: الحلّة السيراء لابن الأبّار 1/ 37، وسير أعلام النبلاء 8/ 223، 224، وقد ذكرها المقّري في «نفح الطيب» 3/ 60 باختلاف عما هنا، ونسبها لعبد الملك بن مروان.
.
.
المصدر :
.
.
[1] البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب
المؤلف: ابن عذاري المراكشي، أبو عبد الله محمد بن محمد (المتوفى: نحو 695هـ)
.
.
[2] تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام
المؤلف: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي (المتوفى: 748هـ) . . تدقيق الأستاذ عبيدة السماوي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق