الخميس، 1 ديسمبر 2016


الملك الهندي المبجل فيروز شاه سلطان الهند في زمانه رحمه الله سيرة عظيمة لبطل لا يعرف سيرته احد من ابطال #الهند المجيدة #فردوس_الشرق المفقود [1](٧٩٠ هـ)
.
.
ملك عظيم في بلد عظيمة ذات مجد تليد هيا بن اصدقاء همايون للقرن الثامن الهجري .
.
.
أبو المظفر فيروز شاه بن رجب من أسرة آل تغلق. تولى -باتفاق الأمراء- بعد وفاة ابن عمه محمد شاه، وكان في بلاد السند فقدم إلى دهلي [2]، واستقل بالملك. كان من خيار السلاطين ومن كبار المصلحين، بنى المساجد والمدارس والمستشفيات وأقام الحصون. ومن المساجد التي عمرها مسجد كبير في دهلي. ومن مدارسه المدرسة الفيروزشاهية، كما أسس مدينة فيروزأباد ومدينة كابنور. واستمر حكمه حتى عام تسعين وسبعمائة رحمه الله تعالى.
.
.
كان هذا الملك من خيرة ملوك الهند سيرة وعقيدة ووعيا للإسلام، وأكثر الملوك تفهما، ذكر مسعود الندوي في تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند أن له كتابا بين فيه خطته وأعماله التي سار عليها إلا أن عليه ملاحظات وقعت له بسبب الجهل، ويهمنا أن نذكر له بعض المواقف الطيبة التي توافق أهداف العقيدة السلفية.
.
.
موقفه من الزنادقة والمشركين:

جاء في 'تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند'، قال:
سادسا: ظهرت فئة من الإباحية والملاحدة تدعو الناس إلى الزندقة والإلحاد، وكان ديدنهم أن يجتمعوا في الليالي ويتعاطوا الخمور ويحسبونها تعبدا منهم. وكانوا يأتون فيها بأمهاتهم وأخواتهم ونسائهم، يهتكون فيها أعراضهن ويتجاسرون على اقتراف الكبائر الشنيعة، ولا يفرقون في ذلك بين المحرمات والمحصنات، وإنما يباشر الرجل منهم كل من وصلت يده إليهن من النساء المحتشدة في تلك الأندية والليالي. فأمرنا بضرب أعناق رؤوسهم وشياطينهم وعاقبنا الآخرين بالحبس والجلاء وأنواع أخرى من التعذيب حتى لم تبق لهم عين ولا أثر.
سابعا: نبتت جماعة من الملاحدة تظاهرت بالتقشف والزهد في الدنيا، وكان على رأسهم رجل اسمه أحمد البهاري، يدعي الألوهية وتبعه على ذلك عدد غير قليل من مريديه ...
فلما تحققنا من خبرهم وعرفنا من أمرهم ما صاروا إليه أخذنا رؤساءهم بذلك وجزيناهم بما يستحقونه من الحبس والتعذيب، وشردنا أتباعهم في البلاد كل مشرد حتى يتخلص العباد من شرهم ويكونوا في مأمن من ضلالاتهم.
ثامنا: رجل ادعى النبوءة وتلقب بالمهدي في دلهي، فتبعه خلق كثير واستفحل أمره وعظم شره حتى جيء به إلينا، فاعترف بالإثم غير هياب ولا وجل فأمرنا بقتله وقتل كل من يقتفي أثره وتقطيع لحومهم وأجسادهم إربا إربا. وبذلك جعلناهم مثلا لكل من ينفخ في أوداجه شيطان الغرور فيجترئ على الزندقة والإلحاد والدعوة إليهما.
فانطفأت جذوة الشر ونجا الناس من ضلالاتهم، فالحمد لله الذي تفضل علي بنعمته أن وفقني لمقاومة تيار الشرور واجتثاث شجر البدع والمنكرات وهداني إلى إحياء السنن السنية، فمن استحسن هذه الطريقة واختار لنفسه هذه الجادة المستقيمة فليخترها وليؤثرها على غيرها. وإني أرجو بذلك حسن الجزاء في الدار الآخرة.
فإن الدال على الخير كفاعله «ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من سار عليها من بعده» كما ورد في الحديث [3].اهـ [4]
.
.
موقفه من الرافضة:

جاء في 'تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند' عند سرده لأعماله، قال:
خامسا: شرعت الروافض في نشر عقائدها الباطلة ودعوة الناس إليها، واستعانوا في مهمتهم الواهية هذه بتأليف كتب ورسائل. وكذلك تجرأوا على إطالة لسان القدح في الخلفاء الراشدين وعائشة الصديقة أم المؤمنين رضي الله عنهم، والطعن في سائر علمائنا ومشايخنا وقذفهم بالسباب المقذع الموجع، وغيرهما من أفعالهم الشنيعة التي يندى لها جبين المروءة والإنسانية ... فأخذناهم بأعمالهم المنكرة أخذا، وعاقبناهم عقابا، وأمرنا بإحراق كتبهم على مرأى من الناس ومسمع حتى انعدمت هذه الطائفة عن بكرة أبيها.[5]
.
.
موقفه من الصوفية:

جاء في 'تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند'، قال: تاسعا: رجل من المتصوفة في كجرات اشتهر "بالشيخ" بين أتباعه ومريديه، وانخدعت نفسه بترهات الصوفية الوجودية، وجعل يجاهر بكلمات هي للكفر أقرب منها للإيمان، وبلغ من سفاهة رأيه وعدم تضلعه في تعاليم الدين أن يقول كلمة "أن الحق" ويشير على مريديه أن يقولوا: "أنت أنت" كلما خرجت من فيه هذه الكلمة "أن الحق" وأيضا كان يقول: "أن الملك الذي لا يموت"، وكذلك ألف رسالة كلها كفر وزندقة. فأمرنا، فأتي به إلينا مقيدا بالسلاسل. ولما تحققنا من ضلالته ودعوته الناس إليها، ولم يبق عندنا في ذلك أدنى شك عاقبناه بما يستحقه، وأمرنا بإحراق كتابه الذي ملأه كفرا وضلالا حتى اندفع هذا الشر أيضا، وأصبح المسلمون والمؤمنون بتوحيد الله عز وجل في مأمن من هذه الفتنة العمياء.
هذا برض من عد، وغيض من فيض من ترهات المتصوفة الوجودية، وأقاويلهم الباطلة المعادية للكتاب العزيز والسنة النبوية، اطلع عليه فيروز تغلق فكبح جماحه وأراد أن يقضي عليه قضاء لا حياة بعده.
لكن فتنة "وحدة الوجود" وما ينشأ عنها من الضلالات، كانت قد عمت البلاد وقتئذ واستولت على قلوب المتصوفة، وأخذت بمجامع ألبابهم ورسخت في أذهانهم أي رسوخ. وما كان اضطه
 اد رجل واحد منهم وعقابه ليهدأ من ثائر هذه الفتنة أو يفل من حدها. إلا أن فيروز تغلق ومن نحا نحوه من الأمراء والملوك مجزيون على أعمالهم ونياتهم، سواء نجحوا في مهمتهم أو لم ينجحوا.[6]
.
.
التعليق:
جزى الله هذا الملك خيرا على هذه المواقف، ما أحسن ما عمل مع هؤلاء الملاحدة الذين كان ضررهم على الأمة بالغا. فعسى الله أن يرزق المسلمين أمثال هؤلاء الأبطال.
.
.

.
.

[1] التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر (٧/ ٢٢٩).
[2] كذا في الأصل ولعله: دلهي " اضيف ودهلي اسمها الأصلي قبل تحريف البريطانيين ".
[3] أخرجه: أحمد (٤/ ٣٥٧) ومسلم (٤/ ٢٠٥٩ - ٢٠٦٠/ ٢٦٧٤) والترمذي (٥/ ٤٢ - ٤٣/ ٢٦٧٥) والنسائي (٥/ ٧٩ - ٨٠/ ٢٥٥٣) وابن ماجه (١/ ٧٤/٢٠٣) من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
[4] تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند (ص.٣٣ - ٣٥).
[5] تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند (ص.٣٣).
[6] تاريخ الدعوة الإسلامية في الهند (ص.٣٥ - ٣٦).
.
.
المصدر :
[موسوعة مواقف السلف في العقيدة والمنهج والتربية]ـ
(أكثر من ٩٠٠٠ موقف لأكثر من ١٠٠٠ عالم على مدى ١٥ قرنا)
المؤلف: أبو سهل محمد بن عبد الرحمن المغراوي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق