الأربعاء، 27 يوليو 2016


. سلسلة #من_التاريخ_القديم
#الحضارة_الآشورية
من هو النمرود "زاهاك" ؟!
كيف كانت قصة ميلاده ؟!
كيف تحول من امير وديع لطاغية جبار ؟!
كيف كان اول اتصال بين الجن و الإنس ؟!
كيف تجبر وطغى على ربه واذل نفسه للشيطان الرجيم ؟!
كيف كانت دعوة نبي الله ابراهيم عليه السلام ؟!
وكيف كانت نهاية النمرود ؟!
.
.
" #النمرود الجزء الثالث "
.
.
جبل دنباوند.. في ظلمة من الليل كالحة.. وشاب وسيم حائر يمشي على سفح الجبل المظلم باحثًا عن الصِبية.. وأي صِبية سيكونون في مكانٍ كهذا.. إنه يكاد ألا يرى يديه.. ولا يسمع إلا همس الأرض.. ومن آنٍ لآخر تتهيأ له ظلال شبه بشرية تدهن صخور الجبل.. بدأت نفس "زاهاك" الملولة تراوده.. فصاح بأعلى صوته:
- أيها العجوز.. ها أنا ذا في دنباوند.. أين تراك تكون ؟
ولم يسمع ردًّا.. سوى صدى متكرر أضاف إلى تلك الأجواء الساكنة لمسة مقلقة.. ثم بدا له أن هناك شيئًا ما يتحرك بحذرٍ.. ثم لم يلبث أن شعر بأنه ليس شيئًا واحدًا.. بل أشياء.. تتحرك نحوه بحذرٍ صانعة بأقدامها صوتا ما على الأرض..
ضيَّق "زاهاك" عينيه الوسيمتين ليزيد من حدة ناظريه.. ثم رآهم.. لم يرَ أجسادًا بل عيونًا.. عيون تلمع كعيون الذئاب.. كانوا في كل مكان.. أمامه.. وعن يمينه وشماله.. عيون لا تبدو أنها أليفة.. والعجيب أن "زاهاك" لم يشعر بالخوف ولا
بالقلق.. بل إنه صاح فيهم بصوت قوي صياح المعاتب :
- أين هو "لوسيفر"؟ أين من يطلق على نفسه أمير النور ؟
وهنا بدت له أجسادهم الصغيرة.. كانوا حوالي مئة يحتشدون حواليه.. ينظرون ناحيته بنظرة جامدة تشعر فيها بخاطر من الدهشة.. كانوا يبدون وكأنهم حشدٌ من الأطفال الحانقين على شيءٍ ما.. ملبسهم أسود وشعورهم سوداء طويلة..
التفتوا جميعًا بلا كلمة ومشوا كلهم باتجاه الشمال.. وتبعهم "زاهاك" متوجسًا.. حتى أوصلوه إلى ما يشبه الغار في سفح الجبل.. ثم تفرقوا إلى كتلتين صانعين بينهم طريقًا.. نظر لهم "زاهاك" ثم مشى وسطهم إلى الغار حتى دخله.. وكما وعده "لوسيفر".. كان بانتظاره. لم يكن عجوزًا.. ولم يكن أعرجَ.. بل كان "لوسيفر".. ليس له وصف آخر سوى أنه "لوسيفر".. على كرسي كبير كان يجلس.. يلفه الظلام.. رغم وجود مشعل أو مشعلين يبعثان نورًا خافتًا للغاية.. وهنا دبَّ شيء من الرعب في قلب "زاهاك".. فالكيان الجالس أمامه لم يكن إنسيا.. وإن كانت له الهيئة التشريحية للإنس.. لم يتبين وجهه جيدًا لأن الظلام كان يخفيه.. ليست هذه يد بشر.. وليست هذه أصابع بشر.. ولا أظافر بشر.. وما هذه الأكتاف بأكتاف بشر.. ما هذا الشيء بالضبط؟ هل هو الرب على عرشه؟ لم يستطع بعقليته البابلية القديمة أن يستنتج أنه يقف على بُعد خطوة أو خطوتين من الشيطان.. "لوسيفر".. لم يكن يدرك أنه يقف أمام "إبليس".
.
.
بدأت الأمور تتضح ببطء؛ الوجه الذي كان يلفه الظلام اقترب من مجال الرؤية وبدأت تسقط عليه ظلال المشاعل المتراقصة.. تحفزت خلايا "زاهاك".. ثم تحول هذا التحفز إلى الدهشة.. فذلك الكيان الذي يفترض أنه "لوسيفر" كان يملك شعرًاطويلًا جدًّا يمس الأرض.. وهذا الشعر ينسدل على وجهه غزيرًا يخفي ملامحه تمامًا؛ حتى لا تدري هل أنت أمامه أم خلفه.. قال "لوسيفر" بصوت هادر كالصخر:
- لقد اخترتك يا "زاهاك" من بين رجال الأرض كلها.. فبرغم أنك تستمرىء حياة الدعة إلا أن لديك قلبًا ميتًا لا يخاف.. قلب شجاع.. وروح متمردة. أجفل "زاهاك" قليلًا وشعر بعرق يُندي جبينه من هول الكيان الجالس أمامه ثم قال بصوتٍ خافت :
- اخترتني من أجل ماذا؟
أجابه "لوسيفر" بغضبٍ لا يدري "زاهاك" له سببًا إلا أن يكون صوته الهادر يوحي بالغضب:
- لتملك بني الإنسان.. لتكون أول بشريّ يتعلّم سر ال "ماجي".. ولكن.. توقف "لوسيفر" للحظات ثم قال:
- يجب أن نضع قلبك الميت هذا طور الاختبار.. فسر ال "ماجي" العظيم لو ناله الرجل الخطأ.. فإنه يموت من فوره.
أشعلت كلمة الاختبار في نفس "زاهاك" شيئًا ما فقال:
- ماهو هذا ال "ماجي" الذي لا تكف عن ترديده.. وماهو هذا الاختبار..
قاطعه "لوسيفر" فجأة :
- أن تراني ..
لم يفهم "زاهاك" شيئًا؛ فهمَّ بالحديث إلا أن "لوسيفر" قال بصوته الهادر في
لهجة مخيفة:
- أن تراني ولا ترتعد فرائصك.. فإن كشفت لك عن وجهي وطرفت عينك طرفة خوف واحدة سأقتلك على الفور.. وإن رأيتني ولم تجفل.. فإن سر ال "ماجي" من حقك وحدك.. وسيُطوى لك العالم وتخضع لك نفوس البشر كلهم.
سكت "زاهاك" سكوتًا طويلًا ثم قال :
- فلتكشف عن وجهك إذن يا هذا.
وبسرعة مفاجئة انحسر الشعر عن وجه "لوسيفر" الذي اعتدل في مجلسه مقرِّبًا وجهه الشيطاني من "زاهاك".. كان "زاهاك" في تلك اللحظة يشاهد أشد وجوه الأرض بشاعة وإرعابًا.. وجه "إبليس".. زاد العرق على جبينه.. وشعر بأن ذرات الهواء تهتز من حوله من شدة بشاعة ذلك الوجه.. خفق قلب "زاهاك" خفقة سقط فيها إلى أسفل سافلين.. لكنه حافظ على ثبات عينيه.. وأخذ يفكر في أشد الأمور جمالًا وبهجة ليشغل ذهنه عن بشاعة ذلك الكيان.. ولكنه مع مرور الثواني ازداد الخوف في قلبه من هول ما يرى.. لكنه استعاد رباطة جأشه بشجاعة عجيبة وقال بصوت حاول أن يخرجه ثابتًا غير متهدّج:
- أي شيء لعين أنت بالضبط؟
تحدث "لوسيفر" فتضاعفت بشاعة وجهه فقال :
- أنا شيطان مريد.
كان ذلك اللقاء هو أول لقاء بين إنس وجن في تاريخ الأرض.. وقد حدث في بابل في أول حضارة بشرية بعد طوفان "نوح".. أصبح "زاهاك" يتردد على ذلك الغار في كل ليلة.. وعلمه "لوسيفر" سر ال "ماجي".. وال "ماجي" بلغة أهل بابل تعني السحر.. فكان "زاهاك" هو أول ساحر مشى على ظهر الأرض.. أما التاريخ فلقّبه بلقب اشتهر جدًّا حتى ظنه الناس اسمه الحقيقي. اشتهر "زاهاك" في التاريخ باسم "النمرود"؛ "الملك النمرود".

.
.
...........نتم في الجزء الرابع..........

هناك تعليق واحد: