الجمعة، 29 يوليو 2016


.
.
سلسلة #من_التاريخ_القديم
#الحضارة_الآشورية
من هو النمرود "زاهاك" ؟!
كيف كانت قصة ميلاده ؟!
كيف تحول من امير وديع لطاغية جبار ؟!
كيف كان اول اتصال بين الجن و الإنس ؟!
كيف تجبر وطغى على ربه واذل نفسه للشيطان الرجيم ؟!
كيف كانت دعوة نبي الله ابراهيم عليه السلام ؟!
وكيف كانت نهاية النمرود ؟!
.
.
" #النمرود الجزء الرابع "
.
.
وبعد مرور بضعة أيام على حادثة اللقاء الشيطاني تلك.. نصب "زاهاك" فخًّا لأبوه
"كوش".. حفرة متوسطة العمق مثبت في قاعها أكثر من خمسين رُمحًا متجاورًا.. حفرة مغطاة بأوراق الشجر.. كان هذا هو أول فخ يُنصب في التاريخ.. كان الفخ الذي قتل الملك "كوش" وحول جسده إلى مصفاة بشرية.. الفخ الذي أوصل إلى العرش من بعده ملكًا كان هو الأكثر دموية وجنونًا ليس فقط بين ملوك بابل.. بل بين ملوك العالم كله.. ابنه "زاهاك".. "الملك النمرود". أن تكون مًلكًا جبَّارًا فهذا مفهوم.. أما أن تكون مَلكًا جبَّارًا متسلطًا وساحرًا عتيًّا فاجرًا.. فقد صنعت شرًّا مستطيرًا لا قِبَل لأهل الأرض به.. كان "النمرود" هو كل ذلك.. كان أول وضع تاجًا على رأسه.. وفكرة التاج نفسها اقتبسها من ملوك الجن.. وقد صنع لنفسه تاجًا ذهبيًّا عظيمًا.. وخاتمًا ذهبيا كبيرًا. يذكر التاريخ للنمرود أنه قال لما وضع التاج على رأسه :
- نحن ملوك الدنيا.. المالكون لما فيها.
ولم يدرِ أحدٌ معنى كلمة "نحن" حتى هذه اللحظة. .
.
.
إنها الحرب على مملكة "بكتيريا".. لقد بدأ عصر الحروب فور جلوس "النمرود"
على العرش.. ورغم أن المستشار الأعلى "أونس" كان عريسًا جديدًا إلا أن طبول الحرب لما دقت انتزعته من سريره انتزاعًا.. ولم تنتزعه وحده.. بل انتزعت زوجته معه.. الفارسة "سميراميس".. والتي كانت قد أظهرت فروسية وذكاء لا يملكهما أعتى الفرسان.. نزلت "سميراميس" إلى الحرب مع زوجها جنبًا إلى جنب.. والحقيقة أن مظهرهما كان عجيبًا كعروسين.. كانت "سميراميس" قائدة كتيبة عسكرية كاملة.. فائقة الجمال.. جمال من الطراز الذي يذعن له الآخرون رغمًا عنهم.. لها عينان ساطعتان بالرغم من كثافة رموشهما.. عينان يشع منهما وهج عبقرية قائد يستطيع أن يأمر جيشًا ويؤسس إمبراطورية. أظهرت "شميرام" في تلك الحرب دهاءً عسكريًّا فاق كل الحدود.. دهاءً أسقط وحده مملكة "بكتيريا" الحصينة.. ووصل الخبر إلى الملك "النمرود" الذي دُهِشَ دهشة حقيقية من أن تفعل فتاة واحدة كل هذا.. فاستدعاها لمكافأتها.. وكان أول لقاء بين الملك النمرود وبين "سميراميس". كان الملك "النمرود" جالسًا على عرشه يُعنِّف مستشاريه كعادته.. وكان منهم المستشار "أونس".. وفجأة دخلت "سميراميس".. بكل جمالها وثقتها وقوتها دخلت.. رافعة رأسها راسمة على ملامحها تعبيرًا عسكريًّا صارمًا بدا عجيبًا على ملامحها الجميلة.. وفور أن رأت "زاهاك" شعرت بخفقة في قلبها.. ساءلت قلبها عن تلك الخفقة.. أتُراك خفقت لأنك رأيت الملك الأعظم للبلاد لأول مرة.. لكنها رفضت هذا.. فهي ليست من الطراز الذي يهتز لرؤية أحد.. في نفس الوقت كان "زاهاك" يحدِّث أحد مستشاريه بعصبية.. ثم لما شعر بحضور شخص ما التفت إليه بحدة.. وعندما رآها قام من على عرشه.. وكان يسائل نفسه أثناء قيامه.. لِمَ يقوم ؟.. إنه ليس من الطراز الذي يقوم لحضور أحدٍ.. التقت عيناهما لقاءً حجبَ عن مجال رؤيتهما أي كيانات أخرى سواهما. اقتحمت المجال نظرات أخرى آتية من شخص آخر يرى المشهد.. نظرات غاضبة موجَّهة من "أونس".. زوجها.. الذي لم تسره تلك النظرات التي عجز الطرفان عن إخفائها.. ثم اقتحمت المجال نظرات أخرى ترى المشهد بعين شيطان.. نظرات "لوسيفر".
.
.
لم يمضِ وقتٌ طويلٌ إلا وكان يمكنك أن ترى المستشار "أونس" وهو يسقط صارخًا من فوق قلعة النمرود.. بينما يقف النمرود فوق القلعة ناظرًا إليه بسخرية.. ثم أمكنك أن ترى النمرود يتزوج من "سميراميس" زواجًا اهتزت له أرجاء المملكة البابلية اهتزازًا لم تهز قبله مثله ولا بعده.. حتى استمرت الاحتفالات ثلاثة أيام متواصلة.. ووُزعت الكثير من الكابرا (حقائب الهدايا) المليئة بالملبس والحلويات البابلية الأخرى.. واجتمع الشمس والقمر كما تقول الأساطير.. الشمس هو إله الشمس النمرود والقمر هي "سميراميس". زادت قوة مملكة النمرود بعد انضمام "سميراميس" بكل دهائها إليه.. انضم الدهاء العسكري إلى القسوة والطغيان إلى سطوة السحر.. وظلت ممكلة النمرود تغزو الممالك التي تجاورها حتى أصبح النمرود ملك الأقاليم السبعة.. ولم يكتف بذلك.. بل تطلع إلى مزيد من السلطان.. أراد أن يغزو السماء.. فجمع ستمئة ألف رجلٍ من كافة ممالكه السبعة وأمرهم أن يبنوا بُرجًا شاهقًا لا يصعد المرء إلى قمّته إلا بعد مسيرة عام كامل.. برج يتجاوز السحاب ارتفاعًا.. وبالفعل بدأ العمال والمهندسون وحتى الجن في بناء ذلك البرج العظيم.. ولم تمضِ عدة
سنوات إلا وتم بناء أول عجيبة من عجائب الدنيا السبع.. برج بابل.. ذلك البرج الذي كان قصر النمرود وعرشه على الأرض.
.
.
كان النمرود نائمًا في أحضان الجميلة "سميراميس" التي كانت تمسح بيدها على
شعره في حنانٍ لم تعهده في نفسها.. لكن النمرود وقتها كان في شأنٍ آخر.. كان يرى حُلمًا عجيبًا.. تراءى له مابدا وكأنه فارسٌ على صهوة جواده يطير في السماء عند الأفق.. ورأى نفسه يطير في السماء مواجهًا لذلك الفارس.. أعاد النظر مرة أخرى إلى السماء فرأى الفارس قد اختفى وحلَّ محله كوكب متألق.. نظر إلى الموضع المواجه للفارس والذي رأى نفسه فيه.. فلم يجد نفسه بل وجد الشمس.. ثم اختفت الشمس فجأة من السماء وبقي ذلك الكوكب المتألق.. أعاد النظر مرة أخرى فرأى الفارس في موضع الكوكب المتألق يغير اتجاهه الأول ويقترب بسرعة رهيبة من الأرض هاجمًا بفرسه على النمرود نفسه ففزع وصحا من نومه صارخًا فجأة لتقابله عينا "سميراميس" الجميلتين القلقتين ويداها الحانيتين على جبينه. أحضرت "سميراميس" للنمرود أعلم أهل بابل ليفسروا له ذلك الحُلم.. وكانوا خائفين من التصريح بالتأويل الحقيقي لذلك الحُلم.. ثم حسموا أمرهم في النهاية وأخبروه.. قالوا له إن هناك مولودًا سيولد على هذه الأرض عمَّا قريب.. وأنَّ هلاكًا سيكون على يديه. ثار النمرود ثورة رهيبة.. وأمر بقتل كل المواليد في جميع الأقاليم السبعة.. ونزل جنوده يقتحمون البيوت ويقتلون الأطفال. في تلك الأيام بالضبط وُلِدَ نبي الله "إبراهيم".. وأخفته أمه من جنود النمرود.. حتى كبر وصار شابًا.. وكان شعب بابل يعبدون الكواكب ويصنعون لها أصنامًا يتضرعون إليها.. ومن تلك الكواكب الشمس والقمر؛ فالشمس هي المعبود الأعلى وهو الملك النمرود والقمر هو المعبود التابع وهي "سميراميس".. أما "النمرود" فقد كان ولاؤه
للشيطان وحده.
كان النمرود قد فسق في تلك الأيام وفجر وتجبَّر وحكم الناس بالحديد والنار.. بدأ "إبراهيم" يدعو الناس ليعبدوا إلهًا واحدًا.. ويحاول إقناعهم أن أصنامهم تلك لا هي بضارة ولا نافعة.. وحدثت القصة الشهيرة في عيد الربيع.. ذلك العيد الذي حطَّم "إبراهيم" فيه أصنام بابل المصطفة في معبد "أور" وعلق فأسه على صنم شديد الضخامة منهم يدعى "مردوخ".. ولما عاد القوم من عيدهم وجدوا كل أصنام آلهتهم قد تحطمت ماعدا واحد.. وذلك الواحد هو "مردوخ" العظيم.. الذي كان يقف في رأس المعبد بشموخ ويحمل فأسًا على كتفه. ضجَّ القوم وتذكروا كراهية "إبراهيم" لأصنامهم .
.
.
فاستدعوه وسألوه فأجابهم الجواب الشهير..
- بل فعله كبيرهم هذا.. فاسألوه إن كان ينطق.
ثار القوم وأوصلوا الخبر إلى إلههم الملك النمرود.. وكانت المواجهة الشهيرة
بين النمرود و"إبراهيم".
النمرود :
- من هو ذلك الإله الذي تعبده يا "إبراهيم"؟
"إبراهيم" :
- إنه الإله الذي يُحيي ويميت .
النمرود :
- أنا أحيي وأميت.. أضرب عنق سجين لدي فأميِتُه وأترك الآخر فيعيش.
"إبراهيم" :
- إلهي يُخرج الشمس من المشرق.. فأخرجها أنت من المغرب.
.
.
فبُهت "النمرود" ولم يدرِ ما يقول.. وأمر بقتل إبراهيم قتلًا يكافىء جريمته في حق الآلهة.. أمر بأن توقد نار هي أعظم نار أوقدت على ظهر الأرض وأن يُلقَى فيها "إبراهيم".. وظل أهل بابل يجمعون الحطب لإيقاد تلك النار شهرًا كاملًا.. ولما أوقدوها نارًا عظيمة أصبح نورها يُرَى من آخر المدينة.. ثم ألقوا "إبراهيم" فيها بالمنجنيق.. وتركوها أيامًا ولياليَ حتى انطفأت.. فهرعوا إليها ليجمعوا رماد الرجل الذي تجرأ على الآلهة.. فوجدوه واقفًا هنالك وليس به خدش واحد.. غضب النمرود غضبًا شديدًا.. لكنه غضبٌ مكتومٌ هذه المرة.. غضب موجه ناحية حليفه الذي وعده بالقوة والملك.. غضب على "لوسيفر".
.
.
.......... نتم في الجزء الخامس و الأخير..........


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق