السبت، 30 يوليو 2016

سلسلة #من_التاريخ_القديم
#الحضارة_الآشورية
من هو النمرود "زاهاك" ؟!
كيف كانت قصة ميلاده ؟!
كيف تحول من امير وديع لطاغية جبار ؟!
كيف كان اول اتصال بين الجن و الإنس ؟!
كيف تجبر وطغى على ربه واذل نفسه للشيطان الرجيم ؟!
كيف كانت دعوة نبي الله ابراهيم عليه السلام ؟!
وكيف كانت نهاية النمرود ؟! . . الجزء الاول :

http://goo.gl/0J9Jpq
الجزء الثاني :

http://goo.gl/hxf5L1
الجزء الثالث :

http://goo.gl/0cFTge
الجزء الرابع :

http://goo.gl/OYUdzj
"الجزء الجزء الاخير "

http://goo.gl/7D6k7j
. .
#للنشر
شَاهَزادهـ|هَمّايُون
.
.
. سلسلة #من_التاريخ_القديم
#الحضارة_الآشورية
من هو النمرود "زاهاك" ؟!
كيف كانت قصة ميلاده ؟!
كيف تحول من امير وديع لطاغية جبار ؟!
كيف كان اول اتصال بين الجن و الإنس ؟!
كيف تجبر وطغى على ربه واذل نفسه للشيطان الرجيم ؟!
كيف كانت دعوة نبي الله ابراهيم عليه السلام ؟!
وكيف كانت نهاية النمرود ؟!
.
.
" #النمرود الجزء الأخير " .
.
كان الشيء التالي الذي فعله النمرود هو أعجب شيء يمكن أن يقوم به بشريٌّ.. وربما استحق لقب النمرود بسبب فعله لهذا الشيء وحده؛ ذهب النمرود إلى جبل دنباوند وتحديدًا إلى ذلك الغار الذي كان يتردد عليه بين الفينة والأخرى ليتعلم
السحر..
.
.
 غار "لوسيفر"..
النمرود:
- أين كانت تلك القوة المطلقة التي تدعي.. كيف لنار مستعرة ألا تحرق إنسيًّا من لحمٍ ودمٍ؟
لوسيفر:
- لأنه شيطان مثلي.
النمرود:
- حقًّا؟
أتقصد شيطان أعظم منك؟
ثم أننا كلنا نعرف "إبراهيم" ونعرف أباه "آزر" النحات.
لوسيفر:
- ليس لك أن تعرف كل ما أعرف.. فلست أنا وأنت إلا حلفاء بحلف أنا السيد فيه.. وما أنت ببالغ مبلغي.. فما أنت في النهاية سوى بشري تجوع وتبول وتموت.
النمرود:
- أين هي القوة؟
لقد صعدت إلى السماء فوق السحاب ببرجي ولم أجدها.. وهبطت معك إلى أسفل سافلين ولم أجدها.
لوسيفر:
- القوة هي أنك مَلِك الأقاليم السبعة.. ولا يوجد بشري إلا ويرتعد عند ذِكر اسمك.. وعائلات كاملة من الجن تأتمر بأمرك.
النمرود:
- كلهم إلا واحد.. "إبراهيم".. ما الذي يملكه ولا أملكه أنا ولا تملكه أنت
لوسيفر:
- هو فقير لا يملك شيئا إلا الحيلة.. والحيلة هي التي أنجته من النار
النمرود:
- أنت كاذب.. كاذب وحقير.. وأقسم أني قاتلك وممزقك إربا.. فور أن أجد تلك القوة .
.
.
و أعلن تمرده النمرود على حليفه "لوسيفر".. فبعد أن تمرد النمرود على والده بقتله.. وتمرد على الله بالكفر وادعاء الألوهية.. وتمرد على الكواكب التي يعبدها قومه بتجاهله الكامل لها.. وتمرد على كل الأعراف والأخلاق بطغيانه ودمويته وتجبره في البلاد.. بعد كل هذا أعلن في النهاية تمرده على من علمه السحر.. أعلن تمرده على "إبليس".. فالنمرود من التمرد.. وكان "زاهاك" هو أمير التمرد بلا منازع في تاريخ الأرض.
.
.
- سيدي "زاهاك".. وصل الطباخ الجديد للملك بعد أن أمرتنا أن نطرد الطباخ الأول
- دعه يدخل.. ولينه حديثه سريعا !
كان "النمرود" يناقش  أمرا ما بجدية مع مستشاريه.. حتى شعر بوقع خطوات هادئة.. رفع رأسه لينظر إلى من سيعرف بعد قليل أنه الطباخ الجديد.. لكن عيناه اتسعتا بوضوح لاحظه كل المستشارين.. فالطباخ الجديد كان شكله يبدو مألوفا
جدا.. عجوز.. أعرج. شبه معدوم الأسنان.. عباءة سوداء ممزقة.. وابتسامة ساخرة زادت منظره بشاعة.
قال العجوز بصوت كالفحيح الساخر :
- أتيت لأقدم لك يا سيدي عينة مما تستطيع يداي عمله .
وتقدم العجوز مقدما للنمرود طبقا ذهبيا عليه بعض الطعام المطهو.. قال له "النمرود" بصوت واضح القلق :
- لاداعي للعينات ياهذا.. أنت مرفوض ابتسم العجوز ابتسامة بانت فيها أسنانه المبعثرة ببشاعة وقال :
- إنني أعتذر منك ياسيدي.. ولتسمح لي أن أقبل منكبيك احتراما وخضوعا لحضرتك.
تقدم العجوز من "النمرود" بخطوات خاضعة ذليلة حتى وضع رأسه في الأرض تحت قدميه.. ثم قام ببطء وقبل منكب النمرود الأيمن.. ثم الأيسر.. ثم استأذن وانصرف إلى حال سبيله.
- لماذا رفضته يا سيدي إن طهوه رائع جدًّا لم يرد "النمرود" عليه.. كان شاردا.. هل يعني "لوسيفر" بهذه الحركة الاعتذار..
أم أنه يعني شيئا آخر.. قام "النمرود" من مكانه وتوجه إلى غرفته عند زوجته ومعشوقته "سميراميس" كعادته إذا حزبه أمر.. فدهاءها يزن جبل دنباوند ذهبا ومثله معه.. وفور أن دخل "النمرود" إلى غرفته ونظر إلى جمال "سميراميس" وهي تصفف شعرها الذهبي البني الطويل.. حتى شعر فجأة بألم رهيب في منكبيه يصاحبه انقباض كأن عظامه قد انطبقت على بعضها.. صرخ "النمرود" وسقط على الأرض.. التفتت إليه "شميرام" وهرعت إليه.. لكنها توقفت مكانها ناظرة إلى الجنون الذي بدأ يحدث أمام عينيها المتسعتين. فمن منكبي "النمرود" العريضين خرج ثعبانان أسودان بشعان.. يلتفان حول عنقه تارة.. ويزحفان على منكبيه تارة.. وينزلان بداخل ملابسه تارة أخرى.. ثعبانان يبدو أنه لا ذيل لهما.. كأنهما برزا فجأة من داخل منكبيه.. وشرع الثعبانين يصدران فحيحا مفترسا ويفتحان أنيابهما.. ولم يحدث أي رد فعل سواء من "النمرود" أو من "شميرام".. لأن كليهما كان قد سقط مغشيًا عليه.. ولم يبق في الغرفة إلا فحيح الثعابين.
.
.
أرسل "لوسيفر" رسالة إلى النمرود كتب فيها:
" أطعم الأفواه الجائعة كل حين.. لأنها لو لم تجد شيئا تأكله فلن تجد إلا رأسك" ومنذ ذلك الحين والنمرود قد بدأ يتخذ عادة جديدة.. أصبح يأمر زبانيته كل يوم أن يأتوا له برأسين بشريين.. فقد تعلم أن هاتين الحيتين لا تأكلان سوى رؤوس البشر.. ويفضل أن تكون رؤوسا صغيرة لأطفال.. لأن الحيتين ترفضان أحيانًا رؤوس البالغين.. وبدأ زبانيته ينزلون إلى البلاد في كل يوم ليعودا له برأسين مقطوعين.. ولم يعرف أحد لماذا يصر النمرود على هذا كل يوم.. ولماذا يقتل كل من يتقاعس في تنفيذ هذا الأمر بالذات.. ولم يدر أحد ماتلك العباءات العجيبة التي صار "النمرود" يرتديها.. ثم ماهذا الذي يتحرك تحت العباءة.. لم يدر أحد.. ولم يجرؤ أحد على السؤال. حاول النمرود أن يذبح الحيتين.. وكانا كلما ذبحهما نبتا على كتفيه في الحال.. أما "سميراميس" فلم تشعر بشيء سوى بالشفقة على حال زوجها معشوقها.. وقد أتت له بالأطباء من الأقاليم كلها.. وكلما رآه طبيب عجز عن استئصال الحيتين.. وكان كلما رآه طبيب وعرف سره قتله. في الجانب الآخر من المدينة كان هناك رجل حداد يقال له "كاوي".. تعرف في وجهه بأس شديد وقوة.. وتعرف في وجهه حزنا عميقا.. فقد زاره زبانية "النمرود" منذ أيام وقطعا رأس ولديه الصغيرين أمام عينيه.. وأخذا الرأسين وقدماها للنمرود.. كان "كاوي" الحداد مسلما.. متبعا لدين "إبراهيم".. وقد نزل بين الناس المقهورين المظلومين المقطوعة رؤوس أولادهم وذويهم.. نزل بينهم وأشعل نار الثورة في قلوبهم.. وتسللت روح الثورة من قرية إلى قرية.. ومن إقليم إلى إقليم.. حتى جمع "كاوي" الحداد تحت رايته خلق كثير يملؤهم الغضب على النمرود.
.
.
وفجأة دخل "كاوي" الحداد إلى برج بابل.. أدخله "النمرود" ظنا منه أنه مجرد حداد أتى يستعرض ما تقدر يداه أن تصنع..
قال له "كاوي" الحداد بلهجة حازمة لم يعتدها النمرود :
- يا ملك بابل وآشور وعظيمهما.. أسلم تسلم.. وأتركك على ملكك
قال النمرود:
- وهل من إله غيري يا هذا ؟
قال كاوي :
- الله رب السماوات والأرضين
النمرود:
- أتقول مثلم قول "إبراهيم"؟
النمرود:
- "إبراهيم" نبي الله ونحن بدعوته مؤمنين.. وإنا ندعوك لعبادة الله وحده لا شريك له.. فإن أبيت قاتلناك
النمرود:
- هل جننتم؟ أنا "زاهاك" عظيم بابل وآشور وملك الأقاليم السبعة.. اجمعوا جموعكم إلى ثلاثة أيام وأجمع جموعي.. ولأمسحنكم وجموعكم عن وجه الأرض حتى لا يتبين لكم أحد أثرا.
.
.
وهكذا جمع "كاوي" الحداد جموعه الغاضبة لمدة ثلاثة أيام.. وجمع النمرود جنوده.. ونزل النمرود يقود جنوده بنفسه ونزلت معه زوجته الفارسة "سميراميس".. وكانت جموع النمرود أضعاف جموع "كاوي" الحداد.. ووقف الجيشين أمام بعضهما. . كان كاوي وجنوده ينظرون إلى عظمة جيش النمرود وتسليحه وتنظيمه وتجهيزه.. وينظرون إلى أنفسهم في قلتهم وأسلحتهم المتواضعة.. نظر النمرود و"سميراميس" إلى جيش "كاوي" الحداد في سخرية.. ثم نظرا إلى بعضهما.. دخل في نفوس جنود النمرود الحماسة لتقطيع ذلك الجيش الضعيف إربا حتى لا يُبقوا منهم شيء.. لكن عيون جنود الجيشين توجهت فجأة إلى جهة واحدة ينظرون كلهم إلى شيء ما.. شيء آت من جهة مشرق الشمس.. إن القوة التي بحث عنها النمرود طويلا ولم يجدها قد قررت أن تريه اليوم من آياتها عجبا.. قوة الله جبار السماوات والأرض وعظيمهما.. ففجأة وبدون سابق إنذار رأى الجمعين جيشا آخر قادما من جهة المشرق.. جيش آت من السماء.. جيش ستر من كثرته عين الشمس.. جيش من البعوض. في البداية لم يفهم أحد من الجيشين شيئًا.. مابال هذا البعوض يسد عين الشمس. وخلال لحظات فقط كان جيش البعوض قد اقترب حتى دخل في مجال الرؤية.. ضيق النمرود عينيه الوسيمتين ناظرًا إلى السماء محاوِلًا أن يفهم ماالذي يعنيه هذا.. وتحول البعوض من الطيران الأفقي في السماء إلى الانقضاض الرأسي.. الانقضاض على جيش النمرود الذي اتسعت عيناه وعيون جنوده الذين ساد في تنظيمهم الهرج والتحركات العشوائية التي يحاول فيها كل فرد الالتفات والهرب.. لكن ذلك البعوض لم يكن بعوضًا عاديًّا.. كان نوعًا من البعوض لم تعرفه الأرض ولا حتى في العصر الجوراسي أيام الديناصورات.. نوع متوحش.. انقضَّ على أفراد جيش النمرود الصارخين الساقطين من على جيادهم والهاربين.. حتى لم يدع في أجسادهم لحمة إلا افترسها.. وافترشت أجسادهم الأرض على بساط من دمائهم.. أما النمرود وزوجته فقد كانا يحثان جيادهما الراكضة على الهرب بعيدًا عن تلك المهزلة.. نظر النمرود إلى السماء وقال :
- من أنت ياصاحب القوة ؟
أين أنت ؟
 هل أنت شيطان ؟
كان يركض وزوجته ويتبعهما سرب من البعوض.. لكن كان يبدو أن فرسيهما سريعان كفاية للهروب من السرب.. إلا أن بعوضة واحدة قد تمكنت من اللحاق بالنمرود وفعلت شيئًا غريبًا جدًا؛ فما إن لحقت به حتى دخلت في أحد منخريه..
ففقد النمرود توازنه صارخًا.. وكاد يقع عن جواده لولا أن أمسكت به "سميراميس" بحركة بارعة جدًا.. ونقلته من فرسه إلى فرسها.. واستمرت في الركض بجوادها حتى هربت من سرب البعوض تمامًا ودخلت إلى برج بابل.. وأغقت الأبواب وراءها.
.
.
هُزِم النمرود في هذه المعركة هزيمة مروّعة.. فقد فيها جيشه الذي خرج معه كاملًا.. ولم يبقَ سوى جيش بسيط يحمي برج بابل.. أما جيش "كاوي" فلما رأوا تلك المعجزة سجدوا جميعًا شكرًا لله.. وأسلم منهم من لم يكن مسلمًا.. ثم رفع "كاوي" الحداد رايته عاليًا وقاد جيشه متوجّهًا ناحية برج بابل.. حيث قصر النمرود وعرشه. أما النمرود فقد كانت حالته شديدة البؤس.. البعوضة التي دخلت في منخره باتت في مخه.. وكانت كلما تحركت يجن جنونه ولا ينقذه إلا أن يضربه جنوده بالنعال على رأسه ووجهه.. وكانت "سميراميس" تنظر إليه وعيناها تدمعان باكية من قلة حيلتها.. كانت تود لو تفديه بنفسها.. وتولت مهمة إطعام الثعبانين اللذين على منكبيه في كل يوم حتى لا يجهزا عليه.. أي شيء هذا الذي وضع النمرود نفسه فيه؛ ثعبانان وبعوضة متوحشة.. كان متمردًا على قوى لا قِبَل له بها.. ولا قبل لأي أحدٍ بها.. لكنه عنيد ومتمرد. وصلت جيوش "كاوي".. وبدأت تحاصر برج بابل.. وجيش النمرود الباقي استبسل في الدفاع عن البرج.. استمر الحصار أربعين يومًا كاملة.. ولم يدرِ أحدٌ ما الذي يحدث داخل البرج.. كانت عينا النمرود حمراوين ووجهه أحمر من الضرب بالنعال.. وفجأة انكسرت بوابات برج بابل.. ودخل "كاوي" الحداد ووراءه جيشه.. لم يكن شيء ليقف في طريق "كاوي" الحداد في سعيه.. كان يريد الانتقام لما فعله النمرود في ولديه.. ويبدو أنه قد تم له ما أراد.
.
.
جبل دنباوند.. في ظلمة من الليل كالحة.. كان "كاوي" الحداد يدق أوتادًا حديدية في الجبل.. والنمرود ملقى على الأرض مقيدًا بقربه.. وصوت فحيح الحيّتين على منكبيه يصم الآذان.. نظر إليه "كاوي" وقال ساخرًا:
- لم تخبرني أن لديك حيتين على منكبيك يا "زاهاك".. ربما كنت سأعذرك.
لم يرد "زاهاك" بأي كلمة.. وإنما كان يصرخ من وراء كمامة وضعها "كاوي" على فمه.. يصرخ من ألم تحرُّك البعوضة بداخل رأسه.. ولم يمضِ وقتٌ طويل حتى أنهى "كاوي" عمله الذي كان يعمله في الجبل.. والتفت إلى النمرود.. وحمله وبدأ يربط حبالًا سميكة في ساعديْ النمرود وقدميه.. ثم بدأ يربط كلا منها في وتدٍ من الأوتاد الأربعة التي ثبتها على الجبل.. حتى صار النمرود معلّقًا في جبل دنباوند من يديه ورجليه.. والثعبنان السوداوان على منكبيه يتلويان حول رأسه شاعران بالجوع. فكَّ "كاوي" الحداد كمامة النمرود وقال له :
- بلغ تحياتي إلى صاحب تلك الثعابين.. فهما من سيحظى بشرف رأسك اليوم ولست أنا. ارتفعت صرخات النمرود بينما يرفع رأسه إلى السماء وكأنه ينادي على شيء أو يحدِّث أحدًا ما.. أما "كاوي" فقد كان قد جمع عدته ورحل.. وبقى النمرود وحده يصرخ.. وعلى سفح الجبل.. كان هناك جمعٌ قد اجتمعوا ينظرون إلى النمرود في صمتٍ مهيبٍ.. جمع من الأطفال ذوي الشعور الطويلة والنظرات الجامدة.. ولم يمضِ وقتٌ طويلٌ حتى تحرك الحوتان والتفا حول رقبته ثم انقضا على رأسه ينهشان فيها نهشًا متوحشًا دمويًّا.. وظلا ينهشانها وينهشانها حتى خرجت منها بعوضة طارت بعيدًا إلى حيث ما جاءت.. وطوى التاريخ آخر صفحة في حياة رجل تجبَّر في الأرض حتى فاق كل حد.. وكانت نهايته على مستوى تجبُّره... صفحة الملك النمرود زاهاك ابن كوش ابن كنعان الآشوري ... انتهى ..
.
.
المصدر :
الرواية التاريخية "انتيخرستوس" للدكتور أحمد خالد مصطفى ..
.
.
وعذراً لتقصيري بطول مدة النشر ولكن لظرفي الصحي وانشغالي تأخرت ولكم التحية .. و تصبحون على خير ..





الجمعة، 29 يوليو 2016


.
.
سلسلة #من_التاريخ_القديم
#الحضارة_الآشورية
من هو النمرود "زاهاك" ؟!
كيف كانت قصة ميلاده ؟!
كيف تحول من امير وديع لطاغية جبار ؟!
كيف كان اول اتصال بين الجن و الإنس ؟!
كيف تجبر وطغى على ربه واذل نفسه للشيطان الرجيم ؟!
كيف كانت دعوة نبي الله ابراهيم عليه السلام ؟!
وكيف كانت نهاية النمرود ؟!
.
.
" #النمرود الجزء الرابع "
.
.
وبعد مرور بضعة أيام على حادثة اللقاء الشيطاني تلك.. نصب "زاهاك" فخًّا لأبوه
"كوش".. حفرة متوسطة العمق مثبت في قاعها أكثر من خمسين رُمحًا متجاورًا.. حفرة مغطاة بأوراق الشجر.. كان هذا هو أول فخ يُنصب في التاريخ.. كان الفخ الذي قتل الملك "كوش" وحول جسده إلى مصفاة بشرية.. الفخ الذي أوصل إلى العرش من بعده ملكًا كان هو الأكثر دموية وجنونًا ليس فقط بين ملوك بابل.. بل بين ملوك العالم كله.. ابنه "زاهاك".. "الملك النمرود". أن تكون مًلكًا جبَّارًا فهذا مفهوم.. أما أن تكون مَلكًا جبَّارًا متسلطًا وساحرًا عتيًّا فاجرًا.. فقد صنعت شرًّا مستطيرًا لا قِبَل لأهل الأرض به.. كان "النمرود" هو كل ذلك.. كان أول وضع تاجًا على رأسه.. وفكرة التاج نفسها اقتبسها من ملوك الجن.. وقد صنع لنفسه تاجًا ذهبيًّا عظيمًا.. وخاتمًا ذهبيا كبيرًا. يذكر التاريخ للنمرود أنه قال لما وضع التاج على رأسه :
- نحن ملوك الدنيا.. المالكون لما فيها.
ولم يدرِ أحدٌ معنى كلمة "نحن" حتى هذه اللحظة. .
.
.
إنها الحرب على مملكة "بكتيريا".. لقد بدأ عصر الحروب فور جلوس "النمرود"
على العرش.. ورغم أن المستشار الأعلى "أونس" كان عريسًا جديدًا إلا أن طبول الحرب لما دقت انتزعته من سريره انتزاعًا.. ولم تنتزعه وحده.. بل انتزعت زوجته معه.. الفارسة "سميراميس".. والتي كانت قد أظهرت فروسية وذكاء لا يملكهما أعتى الفرسان.. نزلت "سميراميس" إلى الحرب مع زوجها جنبًا إلى جنب.. والحقيقة أن مظهرهما كان عجيبًا كعروسين.. كانت "سميراميس" قائدة كتيبة عسكرية كاملة.. فائقة الجمال.. جمال من الطراز الذي يذعن له الآخرون رغمًا عنهم.. لها عينان ساطعتان بالرغم من كثافة رموشهما.. عينان يشع منهما وهج عبقرية قائد يستطيع أن يأمر جيشًا ويؤسس إمبراطورية. أظهرت "شميرام" في تلك الحرب دهاءً عسكريًّا فاق كل الحدود.. دهاءً أسقط وحده مملكة "بكتيريا" الحصينة.. ووصل الخبر إلى الملك "النمرود" الذي دُهِشَ دهشة حقيقية من أن تفعل فتاة واحدة كل هذا.. فاستدعاها لمكافأتها.. وكان أول لقاء بين الملك النمرود وبين "سميراميس". كان الملك "النمرود" جالسًا على عرشه يُعنِّف مستشاريه كعادته.. وكان منهم المستشار "أونس".. وفجأة دخلت "سميراميس".. بكل جمالها وثقتها وقوتها دخلت.. رافعة رأسها راسمة على ملامحها تعبيرًا عسكريًّا صارمًا بدا عجيبًا على ملامحها الجميلة.. وفور أن رأت "زاهاك" شعرت بخفقة في قلبها.. ساءلت قلبها عن تلك الخفقة.. أتُراك خفقت لأنك رأيت الملك الأعظم للبلاد لأول مرة.. لكنها رفضت هذا.. فهي ليست من الطراز الذي يهتز لرؤية أحد.. في نفس الوقت كان "زاهاك" يحدِّث أحد مستشاريه بعصبية.. ثم لما شعر بحضور شخص ما التفت إليه بحدة.. وعندما رآها قام من على عرشه.. وكان يسائل نفسه أثناء قيامه.. لِمَ يقوم ؟.. إنه ليس من الطراز الذي يقوم لحضور أحدٍ.. التقت عيناهما لقاءً حجبَ عن مجال رؤيتهما أي كيانات أخرى سواهما. اقتحمت المجال نظرات أخرى آتية من شخص آخر يرى المشهد.. نظرات غاضبة موجَّهة من "أونس".. زوجها.. الذي لم تسره تلك النظرات التي عجز الطرفان عن إخفائها.. ثم اقتحمت المجال نظرات أخرى ترى المشهد بعين شيطان.. نظرات "لوسيفر".
.
.
لم يمضِ وقتٌ طويلٌ إلا وكان يمكنك أن ترى المستشار "أونس" وهو يسقط صارخًا من فوق قلعة النمرود.. بينما يقف النمرود فوق القلعة ناظرًا إليه بسخرية.. ثم أمكنك أن ترى النمرود يتزوج من "سميراميس" زواجًا اهتزت له أرجاء المملكة البابلية اهتزازًا لم تهز قبله مثله ولا بعده.. حتى استمرت الاحتفالات ثلاثة أيام متواصلة.. ووُزعت الكثير من الكابرا (حقائب الهدايا) المليئة بالملبس والحلويات البابلية الأخرى.. واجتمع الشمس والقمر كما تقول الأساطير.. الشمس هو إله الشمس النمرود والقمر هي "سميراميس". زادت قوة مملكة النمرود بعد انضمام "سميراميس" بكل دهائها إليه.. انضم الدهاء العسكري إلى القسوة والطغيان إلى سطوة السحر.. وظلت ممكلة النمرود تغزو الممالك التي تجاورها حتى أصبح النمرود ملك الأقاليم السبعة.. ولم يكتف بذلك.. بل تطلع إلى مزيد من السلطان.. أراد أن يغزو السماء.. فجمع ستمئة ألف رجلٍ من كافة ممالكه السبعة وأمرهم أن يبنوا بُرجًا شاهقًا لا يصعد المرء إلى قمّته إلا بعد مسيرة عام كامل.. برج يتجاوز السحاب ارتفاعًا.. وبالفعل بدأ العمال والمهندسون وحتى الجن في بناء ذلك البرج العظيم.. ولم تمضِ عدة
سنوات إلا وتم بناء أول عجيبة من عجائب الدنيا السبع.. برج بابل.. ذلك البرج الذي كان قصر النمرود وعرشه على الأرض.
.
.
كان النمرود نائمًا في أحضان الجميلة "سميراميس" التي كانت تمسح بيدها على
شعره في حنانٍ لم تعهده في نفسها.. لكن النمرود وقتها كان في شأنٍ آخر.. كان يرى حُلمًا عجيبًا.. تراءى له مابدا وكأنه فارسٌ على صهوة جواده يطير في السماء عند الأفق.. ورأى نفسه يطير في السماء مواجهًا لذلك الفارس.. أعاد النظر مرة أخرى إلى السماء فرأى الفارس قد اختفى وحلَّ محله كوكب متألق.. نظر إلى الموضع المواجه للفارس والذي رأى نفسه فيه.. فلم يجد نفسه بل وجد الشمس.. ثم اختفت الشمس فجأة من السماء وبقي ذلك الكوكب المتألق.. أعاد النظر مرة أخرى فرأى الفارس في موضع الكوكب المتألق يغير اتجاهه الأول ويقترب بسرعة رهيبة من الأرض هاجمًا بفرسه على النمرود نفسه ففزع وصحا من نومه صارخًا فجأة لتقابله عينا "سميراميس" الجميلتين القلقتين ويداها الحانيتين على جبينه. أحضرت "سميراميس" للنمرود أعلم أهل بابل ليفسروا له ذلك الحُلم.. وكانوا خائفين من التصريح بالتأويل الحقيقي لذلك الحُلم.. ثم حسموا أمرهم في النهاية وأخبروه.. قالوا له إن هناك مولودًا سيولد على هذه الأرض عمَّا قريب.. وأنَّ هلاكًا سيكون على يديه. ثار النمرود ثورة رهيبة.. وأمر بقتل كل المواليد في جميع الأقاليم السبعة.. ونزل جنوده يقتحمون البيوت ويقتلون الأطفال. في تلك الأيام بالضبط وُلِدَ نبي الله "إبراهيم".. وأخفته أمه من جنود النمرود.. حتى كبر وصار شابًا.. وكان شعب بابل يعبدون الكواكب ويصنعون لها أصنامًا يتضرعون إليها.. ومن تلك الكواكب الشمس والقمر؛ فالشمس هي المعبود الأعلى وهو الملك النمرود والقمر هو المعبود التابع وهي "سميراميس".. أما "النمرود" فقد كان ولاؤه
للشيطان وحده.
كان النمرود قد فسق في تلك الأيام وفجر وتجبَّر وحكم الناس بالحديد والنار.. بدأ "إبراهيم" يدعو الناس ليعبدوا إلهًا واحدًا.. ويحاول إقناعهم أن أصنامهم تلك لا هي بضارة ولا نافعة.. وحدثت القصة الشهيرة في عيد الربيع.. ذلك العيد الذي حطَّم "إبراهيم" فيه أصنام بابل المصطفة في معبد "أور" وعلق فأسه على صنم شديد الضخامة منهم يدعى "مردوخ".. ولما عاد القوم من عيدهم وجدوا كل أصنام آلهتهم قد تحطمت ماعدا واحد.. وذلك الواحد هو "مردوخ" العظيم.. الذي كان يقف في رأس المعبد بشموخ ويحمل فأسًا على كتفه. ضجَّ القوم وتذكروا كراهية "إبراهيم" لأصنامهم .
.
.
فاستدعوه وسألوه فأجابهم الجواب الشهير..
- بل فعله كبيرهم هذا.. فاسألوه إن كان ينطق.
ثار القوم وأوصلوا الخبر إلى إلههم الملك النمرود.. وكانت المواجهة الشهيرة
بين النمرود و"إبراهيم".
النمرود :
- من هو ذلك الإله الذي تعبده يا "إبراهيم"؟
"إبراهيم" :
- إنه الإله الذي يُحيي ويميت .
النمرود :
- أنا أحيي وأميت.. أضرب عنق سجين لدي فأميِتُه وأترك الآخر فيعيش.
"إبراهيم" :
- إلهي يُخرج الشمس من المشرق.. فأخرجها أنت من المغرب.
.
.
فبُهت "النمرود" ولم يدرِ ما يقول.. وأمر بقتل إبراهيم قتلًا يكافىء جريمته في حق الآلهة.. أمر بأن توقد نار هي أعظم نار أوقدت على ظهر الأرض وأن يُلقَى فيها "إبراهيم".. وظل أهل بابل يجمعون الحطب لإيقاد تلك النار شهرًا كاملًا.. ولما أوقدوها نارًا عظيمة أصبح نورها يُرَى من آخر المدينة.. ثم ألقوا "إبراهيم" فيها بالمنجنيق.. وتركوها أيامًا ولياليَ حتى انطفأت.. فهرعوا إليها ليجمعوا رماد الرجل الذي تجرأ على الآلهة.. فوجدوه واقفًا هنالك وليس به خدش واحد.. غضب النمرود غضبًا شديدًا.. لكنه غضبٌ مكتومٌ هذه المرة.. غضب موجه ناحية حليفه الذي وعده بالقوة والملك.. غضب على "لوسيفر".
.
.
.......... نتم في الجزء الخامس و الأخير..........


الأربعاء، 27 يوليو 2016


. سلسلة #من_التاريخ_القديم
#الحضارة_الآشورية
من هو النمرود "زاهاك" ؟!
كيف كانت قصة ميلاده ؟!
كيف تحول من امير وديع لطاغية جبار ؟!
كيف كان اول اتصال بين الجن و الإنس ؟!
كيف تجبر وطغى على ربه واذل نفسه للشيطان الرجيم ؟!
كيف كانت دعوة نبي الله ابراهيم عليه السلام ؟!
وكيف كانت نهاية النمرود ؟!
.
.
" #النمرود الجزء الثالث "
.
.
جبل دنباوند.. في ظلمة من الليل كالحة.. وشاب وسيم حائر يمشي على سفح الجبل المظلم باحثًا عن الصِبية.. وأي صِبية سيكونون في مكانٍ كهذا.. إنه يكاد ألا يرى يديه.. ولا يسمع إلا همس الأرض.. ومن آنٍ لآخر تتهيأ له ظلال شبه بشرية تدهن صخور الجبل.. بدأت نفس "زاهاك" الملولة تراوده.. فصاح بأعلى صوته:
- أيها العجوز.. ها أنا ذا في دنباوند.. أين تراك تكون ؟
ولم يسمع ردًّا.. سوى صدى متكرر أضاف إلى تلك الأجواء الساكنة لمسة مقلقة.. ثم بدا له أن هناك شيئًا ما يتحرك بحذرٍ.. ثم لم يلبث أن شعر بأنه ليس شيئًا واحدًا.. بل أشياء.. تتحرك نحوه بحذرٍ صانعة بأقدامها صوتا ما على الأرض..
ضيَّق "زاهاك" عينيه الوسيمتين ليزيد من حدة ناظريه.. ثم رآهم.. لم يرَ أجسادًا بل عيونًا.. عيون تلمع كعيون الذئاب.. كانوا في كل مكان.. أمامه.. وعن يمينه وشماله.. عيون لا تبدو أنها أليفة.. والعجيب أن "زاهاك" لم يشعر بالخوف ولا
بالقلق.. بل إنه صاح فيهم بصوت قوي صياح المعاتب :
- أين هو "لوسيفر"؟ أين من يطلق على نفسه أمير النور ؟
وهنا بدت له أجسادهم الصغيرة.. كانوا حوالي مئة يحتشدون حواليه.. ينظرون ناحيته بنظرة جامدة تشعر فيها بخاطر من الدهشة.. كانوا يبدون وكأنهم حشدٌ من الأطفال الحانقين على شيءٍ ما.. ملبسهم أسود وشعورهم سوداء طويلة..
التفتوا جميعًا بلا كلمة ومشوا كلهم باتجاه الشمال.. وتبعهم "زاهاك" متوجسًا.. حتى أوصلوه إلى ما يشبه الغار في سفح الجبل.. ثم تفرقوا إلى كتلتين صانعين بينهم طريقًا.. نظر لهم "زاهاك" ثم مشى وسطهم إلى الغار حتى دخله.. وكما وعده "لوسيفر".. كان بانتظاره. لم يكن عجوزًا.. ولم يكن أعرجَ.. بل كان "لوسيفر".. ليس له وصف آخر سوى أنه "لوسيفر".. على كرسي كبير كان يجلس.. يلفه الظلام.. رغم وجود مشعل أو مشعلين يبعثان نورًا خافتًا للغاية.. وهنا دبَّ شيء من الرعب في قلب "زاهاك".. فالكيان الجالس أمامه لم يكن إنسيا.. وإن كانت له الهيئة التشريحية للإنس.. لم يتبين وجهه جيدًا لأن الظلام كان يخفيه.. ليست هذه يد بشر.. وليست هذه أصابع بشر.. ولا أظافر بشر.. وما هذه الأكتاف بأكتاف بشر.. ما هذا الشيء بالضبط؟ هل هو الرب على عرشه؟ لم يستطع بعقليته البابلية القديمة أن يستنتج أنه يقف على بُعد خطوة أو خطوتين من الشيطان.. "لوسيفر".. لم يكن يدرك أنه يقف أمام "إبليس".
.
.
بدأت الأمور تتضح ببطء؛ الوجه الذي كان يلفه الظلام اقترب من مجال الرؤية وبدأت تسقط عليه ظلال المشاعل المتراقصة.. تحفزت خلايا "زاهاك".. ثم تحول هذا التحفز إلى الدهشة.. فذلك الكيان الذي يفترض أنه "لوسيفر" كان يملك شعرًاطويلًا جدًّا يمس الأرض.. وهذا الشعر ينسدل على وجهه غزيرًا يخفي ملامحه تمامًا؛ حتى لا تدري هل أنت أمامه أم خلفه.. قال "لوسيفر" بصوت هادر كالصخر:
- لقد اخترتك يا "زاهاك" من بين رجال الأرض كلها.. فبرغم أنك تستمرىء حياة الدعة إلا أن لديك قلبًا ميتًا لا يخاف.. قلب شجاع.. وروح متمردة. أجفل "زاهاك" قليلًا وشعر بعرق يُندي جبينه من هول الكيان الجالس أمامه ثم قال بصوتٍ خافت :
- اخترتني من أجل ماذا؟
أجابه "لوسيفر" بغضبٍ لا يدري "زاهاك" له سببًا إلا أن يكون صوته الهادر يوحي بالغضب:
- لتملك بني الإنسان.. لتكون أول بشريّ يتعلّم سر ال "ماجي".. ولكن.. توقف "لوسيفر" للحظات ثم قال:
- يجب أن نضع قلبك الميت هذا طور الاختبار.. فسر ال "ماجي" العظيم لو ناله الرجل الخطأ.. فإنه يموت من فوره.
أشعلت كلمة الاختبار في نفس "زاهاك" شيئًا ما فقال:
- ماهو هذا ال "ماجي" الذي لا تكف عن ترديده.. وماهو هذا الاختبار..
قاطعه "لوسيفر" فجأة :
- أن تراني ..
لم يفهم "زاهاك" شيئًا؛ فهمَّ بالحديث إلا أن "لوسيفر" قال بصوته الهادر في
لهجة مخيفة:
- أن تراني ولا ترتعد فرائصك.. فإن كشفت لك عن وجهي وطرفت عينك طرفة خوف واحدة سأقتلك على الفور.. وإن رأيتني ولم تجفل.. فإن سر ال "ماجي" من حقك وحدك.. وسيُطوى لك العالم وتخضع لك نفوس البشر كلهم.
سكت "زاهاك" سكوتًا طويلًا ثم قال :
- فلتكشف عن وجهك إذن يا هذا.
وبسرعة مفاجئة انحسر الشعر عن وجه "لوسيفر" الذي اعتدل في مجلسه مقرِّبًا وجهه الشيطاني من "زاهاك".. كان "زاهاك" في تلك اللحظة يشاهد أشد وجوه الأرض بشاعة وإرعابًا.. وجه "إبليس".. زاد العرق على جبينه.. وشعر بأن ذرات الهواء تهتز من حوله من شدة بشاعة ذلك الوجه.. خفق قلب "زاهاك" خفقة سقط فيها إلى أسفل سافلين.. لكنه حافظ على ثبات عينيه.. وأخذ يفكر في أشد الأمور جمالًا وبهجة ليشغل ذهنه عن بشاعة ذلك الكيان.. ولكنه مع مرور الثواني ازداد الخوف في قلبه من هول ما يرى.. لكنه استعاد رباطة جأشه بشجاعة عجيبة وقال بصوت حاول أن يخرجه ثابتًا غير متهدّج:
- أي شيء لعين أنت بالضبط؟
تحدث "لوسيفر" فتضاعفت بشاعة وجهه فقال :
- أنا شيطان مريد.
كان ذلك اللقاء هو أول لقاء بين إنس وجن في تاريخ الأرض.. وقد حدث في بابل في أول حضارة بشرية بعد طوفان "نوح".. أصبح "زاهاك" يتردد على ذلك الغار في كل ليلة.. وعلمه "لوسيفر" سر ال "ماجي".. وال "ماجي" بلغة أهل بابل تعني السحر.. فكان "زاهاك" هو أول ساحر مشى على ظهر الأرض.. أما التاريخ فلقّبه بلقب اشتهر جدًّا حتى ظنه الناس اسمه الحقيقي. اشتهر "زاهاك" في التاريخ باسم "النمرود"؛ "الملك النمرود".

.
.
...........نتم في الجزء الرابع..........