[فضلٌ فيما يحتاج "الطَّبِيِخ - الطبَّٰخ" إلى معرفته]
.
.
قال المُصنف : قالت الحكماء : ينبغي للطباخ أن يكون حاذقاً عارفاً بقوانين الطبيخ، بصيراً بصنعته، وليتعاهد قصّ أظفاره بحيث لا يحيف عليها فتتقرح ولا يتركها تطول، لئلا تجتمع الأوساخ تحتها، وليختر من القدور البُرام*، ثم بعدها الفخار، وعند الضرورة النحاس المبيض، وأردأ ما يطبخ فيه قدر نحاس قد نَصُل بياضه .
.
.
ويختار من الحطب اليابس مما لا يكون له دخان ساطع لنداوته كحطب الزيتون و السنديان* اليابس و الدفلى و الأشجار التبوعية و ما اشبه، ويتجنب حطب التين فإنه كثير الدخان وكل ما فيه نداوة، ثم يعرف مقدار وقوده .
.
.
ويختار من الملح الدراني* وإن لم يحضر يختار النقي الأبيض الخالي من الشوائب، وأجوده ما حلّ وعقد .
.
.
ويختر من الأبازير* ما يذكر من كسفرة* خضراء اللون يابسة، و من الكمون و الكرويا* كذلك، و من الدارصيني* ما كان خشبه ثخيناً ملتفاً ذكي الرائحة بحذو اللسان، و من المصطكى ما كان حبه كباراً أبيضاً براقا غير دق خالياً من الشوائب، ومن الفلفل ما كان حديثاً غير عتيق وحبه كباراً، و من الزنجبيل ما كان مغروسا، وليبالغ في تنقية سائر الأبازير* ويطحنها طحناً ناعماً، وكذالك في غسل الأواني المستعملة في الطبخ والقدور، وليضربها بالطين، والأشنان* والورد اليابسين، وليبخر الزبادي بالمصطكى و العود ثم يغرف فيها ويمسح القدور بعد غسلها بورق النارنج* و الأترنج* الطريين .
.
.
ويختار لدق اللحم هاوناً من حجر، أما الأبازير فتطحن في رحى طحناً ناعماً او تدق في هاوناً من نحاس .
.
.
وبالجملة فليتعمد تجويد دق الأبازير وتنعيمها وغسل القدور و الأواني مهما امكن؛ ثم يكثر الأبازير في السواذج*، وأكثر منه في القلايا و النواشف في حلوها اكثر من حامضها، ويقلله في الحوامض ذوات الأمراق، والأصل في الطبيخ كله إذا غلت القدور أن يبالغ في أخذ الرغوة و الزبد ووسخ اللحم، و ما عساه يطفو على رأس القدر مع النفاخات الطالعة، وقبل ذلك غسل اللحم بالماء الحار و الملح من ما عساه يبقى فيه من دم أم وسخ، وتنقيته من الغدد و العروق و الأغشية، وتعريق* اللحم في السواذج و القلايا بالدُهن و يسير من شيرج* فإنه أصل في أذهاب زفره قبل سلقه، وأن يترك الطبيخ حتى يهدأ على نار هادئة ساعة واحدة جيدة قبل غرفه، فاعرف ذلك؛ أنتهى ..
.
.
................................
الهامش : [البُرام او البُرم أو البُرمة: إناء ضيق الوسط كالمزهرية يستخدم بكثرة في بلاد اليمن السعيد و الجنوب وكذلك عند الهنود، ويصنع من الطين و الألمنيوم و الأستيل و الحجر - السنديان : شجرة البلوط - الملح الدراني : ملح بلوري يُنسب لمقاطعة أندران في اقليم نيسابور - الأبازير : وهو المعنى العام للتوابل يابسها و لينها، أما التوابل فهو مختص باليابس فقط - الكسفرة : الكزبرة خضراء او يابسة - الكرويا : بذور نبات طيب الرائحة عطري بذوره اكبر من الكمون وله استخدمات طبية و طبخية - الدارصيني : القرفة - الأشنان : نبات عطري شوكي - النارنج : شجرة عطرية ثمرتها كثمرة البرتقال - الأترنج : الليمون الأصفر - السواذج : لم أجد معنى محدد لكن اتوقع الأكل القليل ملحهه أو حلوه جداً لدرجة الإنعدام ولحظة ذلك في قراءة الوصفات - تعريق اللحم : تشويحهه او قليه قلياً ناعما - الشيرج : زيت السمسم]
.
.
…………………………………
المصدر : [كِتَابُ الطَّبِيِخ - لمحمد بن الحسن البغدادي| 579هـ - 637هـ|] هُمايون .