الاثنين، 26 فبراير 2018



 " ذكر ملوك الفرس وألقابهم "

"الفُرس أمة سامية عظيمة سكنت بلاد خُراسان، ولهم إمبراطوريات عظيمة كانت لها صولة وجولة على مسرح التاريخ، ولها عهود عظيمة وكأن أجل فنائها و موتها في عهد بن الخطاب رضوان الله عليه"


الفصل الأول :

الطبقة الأولى من ملوك "البيشدادية"

1- كيومرت، ولقبه : كلشاه أي ملك الطين لأن عندهم هو الإنسان الأول فكأنه لم يملك إلا الأرض .

2- أوشهنك ولقبه: بيشداد، ومعناه: أول عادل.

3- ثم طهمورث ولقبه: النجيب ويقال له: زيناوند ومعناه شاكي السلاح لأنه أول من حمل السلاح .

4- جم ولقبه : شيد أي النير ومن ذلك يقال لضوء الشمس بالفارسية "خورشيد" لأن الشمس خور .

5- بيوراسف ولقبه : الضحاك وهو إعراب "دهاك"
معناه : ذو عشرة آفات
وقيل : بل هو معرب "ازدها" أي تنين لسلعتين كانتا به فوق كتفيه .

6- افريدون ولقبه: المؤيد .

7- إيرج ولقبه: المصطفى .

8- منوجهر ولقبه: ڤيروز أي المظفر .

9- افراسيات التركي ومعنى اسمه: جناح الطاحونة ولا لقب له لأنه لم يكن من ملوك الفرس .

10- نوذر ولقبه : آزاده أي الحر .

11- زاب وكرشاب ويعرفان بالشريكين لأن الملك كان مشتركاً بينهما .




الطبقة الثانية من ملوك الفرس "الكيانية"

وكي معناها الجبار وكيان جمعها وهي الجبابرة .

1- كيقباذ ولقبه الأول .

2- كيكاوس ولقبه : نمرد أي لم يمت وأظن أنه هو الذي يسميه العبرانيون نمرود .

3- كيخسرو ولقبه هُمايون ومعناه: المبارك .


4- كيلهراسب ولبقه : البلخي لأنه كان ينزل ببلخ .

5- كببشتاسب ولقبه : الهربذ أي عابد النار سمي بذك لأن زرادشت أتاه بالمجوسية قبلها .

6- كيأردشير وهو بهمن بن اسفنديار وكان يسمى بهذين الاسمين ولقبه : الطويل الباع .

7- هماي بنت بهمن ولقبها : جهرازاد .

8- دارا ولقبه : الكبير .

9- دارا بن دارا ابنه ولقبه : الثاني .

10- بعد هذه الطبقة : الإسكندر اليوناني "المقدوني" واسمه باليونانية : الكسندروس بن فيلغوس ويقال هو ذو القرنين[1] استولى على ملك فارس ونصيب ملوك الطوائف وكانوا تسعين ملكاً في كل بلد ملك وكانوا يعظمون من يملك العراق وينزل المدائن .



"الاشكانية" وهم الطبقة الثالثة سموا بذلك لأنهم أولاد: أشك بن دارا وهو أولهم ولقبه: جوشندة .

2- أشك بن أشك ابنه ولقبه : أشكان .

3- ابنه سابور ولقبه : زرين أي الذهبي .

4- ابنه بهرام ولقبه : روشن أي المضيء .

5- ابنه بهرام ولقبه : ترادة أي النجيب .

6- نرسي ولقبه : شكاري معناه الصيدي لولوعه بالصيد .

7- أردوان ولقبه: الأحمر.



الطبقة الرابعة "الساسانية"

وهم أولاد يابك بن ساسان .

1- أردشير بن بابك ولقبه بابكان أي ابن بابك .

2- ابنه : سابور ولقبه : نبردة .

3- ابنه : هرمز ولقبه البطل .

4- ابنه : بهرام ولقبه بودبار .

5- ابنه : بهرام بن بهرام ولقبه شاهندة أي الصالح.

6- ابنه : بهرام بن بهرامان لأنه بهرام بن بهرام بن بهرام ولقبه سكستان شاه أي ملك سجستان .

7- أخوه : نرسي ولقبه : نخشيركان أي قناص الوحوش .

8- ابنه: هرمز ولقبه : كوهذ أي صاحب الجبل .

9- ابنه : سابور ولقبه : هوية سنبا وهو اسم الكتف بالفارسية وسنبا أي ثقاب وهو الذي تسميه العرب : دار الأكتاف وإنما لقب بذلك لأنه كان يثقب أكتاف العرب ويدخل فيها الحلق . وقيل: بل كان يخلع أكتافهم [2].

10- أخوه أردشير ولقبه : الجميل .

11- سابور بن سابور ولقبه : سابور الجنود .

12- بهرام بن سابور ولقبه : كرمان شاه .

13- ابنه يزدجرد ولقبه : الأثيم والمجرم والفظ وبالفارسية : وفر وبزة كر .

14- ابنه بهرام جور لقب بذلك لأنه كان مولعاً بصيد العير .

15- ابنه يزدجرد ولقبه سُباه دُوست أي محب الجيش، فـ "سُباه" جُند و دوُست مُحب أو صديق .

16- ابنه هُرمز ولقبه : فرزانة أي الحكيم .

17- أخوه ڤيروز ولقبه : مردانة أي الشجاع .

18- ابنه بلاش ولقبه : كراغاية أي النفيس .

19- أخوه قباذ ولقبه: ينكراي .

20- أخوه جاماسب ولقبه : نكارين أي المنقش .

21- كِسري ولقبه : أنوشروان ومعناه الملك العادل ويسمى هو ومن بعده من ملوك الفرس الأكاسرة .

22- ابنه هُرمز ولقبه : تُرك زاد أي ابن التركية لأن أمه كانت ابنة خاقان التُرك .

23- ابنه كِسرى ولقبه: اپرويز معناه الملك العزيز .

24- ابنه قباذ ولقبه : شيرويه .

25- ابنه أردشير ولقبه : كوجك أي الصغير .

26- كسرى بن قباذ بن هرمز بن أنوشروان ولقبه : كوتاه أي القصير .

27- پوران بنت أپرويز ولقبها : السعيدة .

28- أختها آزر ميدخت ولقبها: العادلة .

29- فرخزاد بن أپرويز ولقبه: بختيار ومعناه السعيد .

30- يزدجرد بن شهريار بن أپرويز ولقبه: الملك الأخير، أنتهى ...

المصدر :
"مفاتيح العلوم"
أبو عبد الله الخوارزمي

الثلاثاء، 6 فبراير 2018

"اللغة الأم وتفرع اللغة العربية منها"
"الجزء الثاني"
"المراحل التي مرّت بها اللغة العربية"
.
.
مرت اللغة العربية بأدوار ومراحل، وارتقت في مختلف الفترات درجات التصاعد والتطور، حتى وصلت إلى درجة ومرحلة نهائية وضعتها في القمة بحيث أصبحت أهلاً لأن ينزل بها آخر كتب الله المنزلة، ولأن تكون وعاءً لكلام الله عز وجل :

١- مرحلة النشأة: حيث اللغة الأم (السامية) وحيث كانت العربية في مرحلة مخاض كما سبق تفصيله..

٢- لغة العرب البائدة: وقد سبق في أول البحث أنهم: 
عاد
وثمود
وطُسَم
وجَدِيْس
وأمَيْم
وعَبِيْل
والعمالقة
وجُرْهُم

و ذكرنا أن مساكن عاد كانت بجنوب الجزيرة في طرف من صحراء الربع الخالي وثمود بمالها الغربي، وطسم وجديس بشرقها، والعمالقة وجرهم بالحجاز، وبمكة ويثرب.
هؤلاء هم الذين كانوا يتكلمون العربية التي استقلت عن السامية الأم وتطورت إلى أن اتخذت لنفسها شكلاً مستقلاً ونستطيع أن تعتبر عربيتهم فترة متطورة من العربية الأولى التي وجدت في فترة النشأة..

٣- لغة القبائل القحطانية:
ويسميها الباحثون "الحميرية" وهذه القبائل كانت تسكن الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية - حضرموت واليمن - حيث جاوروا أقرب الأمم إليهم وهم "الأحباش" وكثر اختلاطهم بهم فتأثرت لغتهم باللغة "الحبشية" مما جعل بعض المستشرقين يعتبر "الحميرية" و "الحبشية" لغتين شقيقتين لما وجد من كثرة التشابه بينهما في المفردات والخصائص، ولا ننسى أنه لم يكن هناك مفراً أمام "الحميرية" من التأثر بشكل واسع بالحبشية بسبب هجرات اليمنيين والغزوات المتبادلة، وقد أقام "الأحباش" زمناً طويلاً باليمن وحكموها فاللغة الحميرية إذن أضافت إلى ما ورثته من لغة العرب البائدة خصائص ومفردات جديدة تأثرت كثيراً بعوامل خارجية..فبذلك هي تمثل فترة مهمة من فترات تطور العربية.. ولم تكن صالحة وحدها وهي في هذه المرحلة لأن ترشح لتلك المهمة العظيمة التي تجعلها - اللغة العربية المتكاملة الواحدة -، ألا وهي مهمة نزول القرآن بها، بل كل ما يمكن أن نقوله أنها كانت مرحلة تهيئ للمرحلة الأخيرة، وإرهاصاً من إرهاصات اللغة المختارة الكريمة المبينة التي كانت - العدنانية -
يقول المستشرق - رينان -: إن الحميرية والحبشية لم يكن لهما مكان رئيسي سوى أنهما كانتا أداتين هيئتا لظهور العربية الحجازية.

٤- لغة القبائل العدنانية: وهي لغة القبائل التي تنتسب إلى عدنان بن إسماعيل عليه السلام، وكانت تسكن القسم الشمالي من الجزيرة العربية الذي يشمل: 
هجر
ونجد
الحجاز
وقد سبقت الإشارة إلى أن إسماعيل عليه السلام نشأ في كَنَف إحدى القبائل البائدة - جرهم - أو هي فرع من فروعها، ويشير الحديث الصحيح إلى أنه عليه السلام - أعجبهم وأنفسهم - أي أنه كما يبدو فاقهم فصاحة في لغته، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أول من فتق الله لسانه بالعربية المبينة إسماعيل " رواه الحاكم في مستدركه والزبير بن بكار في كتاب النسب وقال الحافظ ابن حجر في حديث الزبير: إنه حسن .

وتأمل قوله "العربية المبينة" تتوصل إلى كل ما نريد قوله عن اللغة العدنانية وأنها تمثل المرحلة النهائية في مراحل تطور العربية المرحلة التي بلغت فيها قمة الفصاحة - والفصاحة هي الإبانة - بعد أن كانت أقل إبانة وفصاحة، مرحلة تفتقت فيها اللغة العربية كأنها هي زهرة كانت منكمشة في كمها ثم انفتحت.. حُكي عن الشرقي بن قطامي أنه قال: "إن عربية إسماعيل كانت أفصح من عربية يعرب بن قحطان وبقايا جرهم وحمير".

وانظر إلى آثار حكمة الله عز وجل العظيمة لما اصطفى لغة هذه الأمة لتكون وعاءً "لكلامه المقدس" سخر لها من عوامل النماء والنقاء ما لم يتوفر لأي لغة أخرى:

أولاً: بيئة جغرافية نقية - صحراوية - بعيدة لوعورتها عن مختلف البيئات الأخرى وهذه البيئة هي أواسط جزيرة العرب التي اختارها الله مركزاً للّغة المصطفاة المتكاملة في خصائصها وثروتها اللغوية.. والتي تشمل نجداً والحجاز.

ثانياً: أوحى عز وجل إلى نبيه - إبراهيم الخليل - وهو بابلي من العراق أن يرحل بزوجه - هاجر - وهي مصرية ليتركها مع وليدها - إسماعيل - في هذه الأرض القاحلة الصحراوية من أرض الحجاز، ثم يتم اتصال - هاجر - بقبيلة جرهم فكأنما صبت الأصول: البابلية، المصرية، العربية البائدة في بوتقة واحدة لتفتق عربية إسماعيل..

ثالثاً: ثم يسخر الله عز وجل لذرية إسماعيل - العدنانيين - عاملاً آخر مهماً من العوامل التي ساعدت على نماء لغتهم وهي هجرة - القحطانيين - بعد انهيار سد مأرب واختلاطهم بهم..
فبقيت هذه اللغة - العدنانية - تأخذ طريقها إلى النمو والتصاعد لتشكل في نهاية الأمر اللغة العربية الرئيسية المتكاملة التي بقيت إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، بينما أخذت اللغات الأخرى ومنها "الحميرية" طريقها إلى الانقراض.. حتى لم يبق اليوم إلا بقايا أثرية في الأطلال والنقوش وكتب اللغة، أنتهى ..

المصدر :
"دِرَاسات في أُصوُل اللُّغة العَرَبيَّة"
بقلم: الأستاذ عبد العزيز القارئ .

الأحد، 4 فبراير 2018


"اللغات السامية"

"اللغة الأم وتفرع اللغة العربية منها"
"الجزء الأول"
.
.
اللغة هي القدرة على تسمية الأشياء، وقد أخبر عز وجل أنها مما فضل به آدم عليه السلام فقال عز وجل: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة ٣١-٣٣] فهذه الآيات تشير إلى أن اللغة تعلمها آدم من ربه عز وجل فيحتمل أن يكون ذلك تم بطريق الوحي فتكون اللغة حينئذ توفيقية ولكنني لا أرى في الآية ما يدل بوضوح على ذلك، إذ أن لفظة "علّم" ليست صريحة في الوحي ويمكن أن يكون ذلك قد تم بطريق آخر، وهو أنه عز وجل خلق في آدم القدرة على تسمية الأشياء ومعرفتها والإشارة إلى أشخاصها بأسمائها وألهمه ذلك إلهاماً لا عن طريق الوحي المباشر، ولا شك أن {الأَسْمَاء} في الآية يُراد بها أسماء الأشياء حيث أردفها بقوله: {كُلَّهَا} فلا معنى لحصرها في أشياء مخصوصة، إذ لا مزية حينئذ لآدم يستحق بها التفضيل على الملائكة أن يعلمه الله أسماء عدد مخصوص من الأشياء فالملائكة كذلك جبلهم الله على تسبحه وذكره ففعلوا، لكن المزية التي تستحق هذا الذكر والثناء هي تلك القدرة على تسمية الأشياء والتعرف عليها بتلك الأسماء فلما طلب من الملائكة أن تسمى لكل ما تراه من الموجودات اسماً لم تكن قادرة على ذلك فعلمت أن الله اختص هذا المخلوق الجديد الكريم دونها بما جعله أهلاً للخلافة في الأرض، وهذا التفسير مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال*: "علمه اسم كل شيء حتى القصعة والقصيعة"[ *تفسير ابن جرير -ط دار المعارف بمصر].
"الكتابات السامية"
و هذه اللغة التي تعلمها آدم ونطق بها هي اللغة "الأم" ، ولا جدوى من أن نقول إنها كانت العربية أو العبرانية أو السوريانية لأن هذه اللغات وغيرها عبارة عن فروع امتدت وتكونت على مرّ العصور وتعاقب الأجيال من ذرية آدم، فكلها تعود إلى تلك اللغة الأم ولا تعود هي إلى واحدة منها ولذلك فإن الجهد الذي صرفه بعض العلماء لإثبات أن أول من تكلم بالعربية آدم، أو نوح، أو سام، أو جبريل كما يُروى عن كعب الأحبار، هو جهد عقيم مبني على التخمين، أو على أخبار الإسرائيلية التي لم تثبت، فلا يثبت بها حكم ولا خبر..
وقد سبق أن بينا في أول البحث أن الناس تناسلوا من أولاد نوح الثلاثة، الذين ترجع إليهم أصول الأمم بنص الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدهم "سام ونوح" ، إليه تنسب "اللغة السامية" التي نطق بها ثم انتقلت إلى نسله من بعده..
"الأبجدية السوريانية أو السريانية"
ومع تكاثر "السامين" وتفرقهم في أنحاء مختلفة متباعدة من الأرض بدأت هذه اللغة تختلف لهجاتها وتتحول إلى عدد من اللغات، وهكذا كانت نشأة اللغات السامية.. وغيرها .
"الأبجدية السومرية"
وعلماء اللغات يقسمون اللغات ثلاث فصائل*:
١- الفصيلة الحامية السامية.
٢- الفصيلة الهندية الأوربية.
٣- الفصيلة الطورانية.
أما "الحامية السامية" - وهي الفصيلة التي تعنينا في هذا البحث - فتحتوي على مجموعتين من اللغات:

أ- اللغات السامية: وهي الآشورية، والبابلية، والآرامية، والكنعانية - ويراد بها العبرية - والفنيقية - ثم العربية، والحبشية.

ب - اللغات الحامية: وهي المصرية، والبربرية، واللغات الكوشيتية. والذي يظهر - والله أعلم بالحقيقة - أن اللغات السامية في بداية نشأتها كانت متقاربة جداً كما أسلفنا، حتى إنه ليمكن القول إنها كانت عبارة عن لهجات للغة واحدة. والدارس لهذه اللغات يستطيع أن يلحظ التشابه الشديد بينها، إذ أن أصحاب تلك اللغات كانوا عبارة عن أبناء أمة واحدة تفرقوا في منطقة المثلث "العراق، والشام، ووادي النيل، واليمن وحضرموت" واستوطنوا أنحاء بين هذه المنطقة على مدى حقب التاريخ وأنشأوا ممالك وحضارات واختلط كل قسم منهم بمن جاوره فتأثر به واستفاد منه، وهذا من أهم العوامل لاختلاف اللهجات واللغات وأحياناً لتلاشيها وضعفها، ولذلك فإن كثيراً من الباحثين يعتبر "العربية، والسوريانية، والآشورية، والآرامية، والكنعانية" لهجات للغة واحدة، ثم تمايزت بشكل كبير جعلها تتحول على مدى الأزمنة إلى لغات، والذي حمل هؤلاء على هذا الرأي وجود مفردات متشابهة بمقدار كبير في هذه اللغات [* علم اللغة للدكتور عبد الواحد وافي "ط السلفية بمصر" ص١٢٨ - ١٦٨.] .
.
.
*بل إن بعض الدارسين يقول: إن السوريانية: أو الآسورية أو الآشورية المراد منها اللغة العربية التي كان ينطق بها أهل سورية وأن "آسورية" لهجة محرفة من "سورية" [* عباس محمود العقاد في كتابه - إبراهيم -]
.
.
ووجدوا أن وجود التشابه بين "الحميرية" واللغة السوريانية أكثر من وجوه التشابه بينها وبين لغة قريش..

أما اللغة الآرامية: فقد سبقت الإشارة في أول البحث أن بعضهم يرى أن كلمة - آرام - تعني - عرب - وأن العين والباء قلبتا همزة وميماً، وأنهم ينقسمون إلى حضر وهم سكان "الهلال الخصيب" وبدو وهم سكان الأطراف الجنوبية الصحراوية من منطقة الهلال الخصيب ويسمون بدو الآراميين..
"تطور الكتابة الآشورية و البابلية"
وأياً ما كان الأمر فإن الذي لا شك فيه أن كل هؤلاء أمة واحدة تسمى - السامية - أما أيهما يرجع إلى الآخر - الآراميين - أو العرب فمسألة ترجع إلى ما سبق أن أشرت إليه - من تحديث أصل بداية العرب كأمة مستقلة معروفة بهذا الاسم - ولكنني أستطيع أن أجزم بأن أحد تلك الفروع من - السامية الأم - استطاع على مدى التاريخ أن يحافظ على أهم خصائص اللغة السامية على حين فقدت الفروع الأخرى كثيراً استطاع ذلك الفرع أن يطور لغته السامية بشكل ضمن لها النماء والتحسن مع الإبقاء على معظم الخصائص دون أن يفسدها التطوير..
ذلك الفرع هو القسم من الساميين الذي اتجه إلى الجزيرة العربية وعرف فيما بعد باسم العرب، أما لماذا كان ذلك؟!

فإن السبب الرئيسي يرجع إلى طبيعة المنطقة التي استوطنها وهي منطقة صحراوية وعرة بعيدة عن المناطق العامرة بالأمم الأخرى فأعطى ذلك العرب فرصة الابتعاد عن المؤثرات المباشرة على لغتهم وفرصة أخرى لصقل ما يصلهم من الأمم الأخرى من مفردات أو لهجات حتى إنه لا يصل إليهم إلا وقد عبر مناطق صحراوية تحتم عليه التغير بشكل يلائم تلك البيئة، ويناسب أذواق تلك الأمة الفطرية البعيدة عن تعقيدات المدنيات الفاسدة المختلفة، أنتهى ..

المصدر :
"دِرَاسات في أُصوُل اللُّغة العَرَبيَّة"
بقلم: الأستاذ عبد العزيز القارئ .